فَرْعٌ:
الْأَدْهَانُ الْمُطَيِّبَةُ، كَدُهْنِ الْوَرْدِ، وَالْبَنَفْسَجِ، وَالنَّيْلُوفَرِ، كُلُّهَا مُسْتَخْرَجَةٌ مِنَ السِّمْسِمِ. فَإِذَا قُلْنَا: يَجْرِي فِيهَا الرِّبَا، جَازَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَإِنْ رَبَّى السِّمْسِمَ فِيهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجَ دُهْنَهُ. وَإِنِ اسْتَخْرَجَ الدُّهْنَ ثُمَّ طُرِحَتْ أَوْرَاقُهَا فِيهِ، لَمْ يَجُزْ.
عَصِيرُ الرُّمَّانِ وَالتُّفَّاحِ وَسَائِرِ الثِّمَارِ، كَعَصِيرِ الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ، وَكَذَا عَصِيرُ قَصَبِ السُّكَّرِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ الرُّطَبِ، بِخَلِّ الرُّطَبِ، وَخَلِّ الْعِنَبِ، بِخَلِّ الْعِنَبِ كَيْلًا. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ الزَّبِيبِ بِمِثْلِهِ، وَلَا خَلِّ التَّمْرِ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا مَاءً، فَيَمْتَنِعُ الْعِلْمُ بِالْمُمَاثَلَةِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ الْعِنَبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ، وَلَا خَلِّ الرُّطَبِ بِخَلِّ التَّمْرِ؛ لِأَنَّ فِي أَحَدِهِمَا مَاءً. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ الزَّبِيبِ بِخَلِّ التَّمْرِ إِذَا قُلْنَا: الْمَاءُ رِبَوِيٌّ.
قُلْتُ: فَإِنْ قُلْنَا: الْمَاءُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ، فَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ جَوَازُهُ، وَبِهِ صَرَّحَ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ، فِيمَنْ جَمَعَ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْخَلَّيْنِ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ، بِخِلَافِ الْمَاءَيْنِ. وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا الطَّرِيقَ - الْبَغَوِيُّ فِي كِتَابِهِ «التَّعْلِيقُ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ» . وَهَذَا الطَّرِيقُ هُوَ الصَّوَابُ، وَلَعَلَّ الْأَصْحَابَ اقْتَصَرُوا عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ مُخْتَلِفَيِ الْحُكْمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الرُّطَبِ، وَخَلِّ التَّمْرِ بِخَلِّ الْعِنَبِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَالْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْخَلَّيْنِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute