كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ حَقٌّ لِلْبَائِعِ، فَعَلَى هَذَا لِلْبَائِعِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ قَطْعًا. وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلِلْبَائِعِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِذَا أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي، فَالْوَلَاءُ لَهُ بِلَا خِلَافٍ، سَوَاءٌ قُلْنَا: الْحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى، أَمْ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مِلْكَهُ. فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْعِتْقِ، فَإِنْ قُلْنَا: الْحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى، أُجْبِرَ عَلَيْهِ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْبَائِعِ، لَمْ يُجْبَرْ، بَلْ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِجْبَارِ، قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَوْلَى إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الطَّلَاقِ، فَيُعْتِقُهُ الْقَاضِي عَلَى قَوْلٍ، وَيَحْبِسُهُ حَتَّى يُعْتِقَ عَلَى قَوْلٍ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ احْتِمَالَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: هَذَا. وَالثَّانِي: يَتَعَيَّنُ الْحَبْسُ. فَإِذَا قُلْنَا: الْعِتْقُ حَقٌّ لِلْبَائِعِ، فَأَسْقَطَهُ، سَقَطَ، كَمَا لَوِ اشْتَرَطَ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا ثُمَّ عَفَا عَنْهُ. وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ: أَنَّ شَرْطَ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ لَا يُفْرَدُ بِالْإِسْقَاطِ، كَالْأَجَلِ، فَلَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ عَنِ الْكَفَّارَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: الْحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِلْبَائِعِ، وَلَمْ يَأْذَنْ، لَمْ يَجُزْ. وَإِنْ أَذِنَ، أَجْزَأَهُ عَنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَيَجُوزُ اسْتِخْدَامُهُ، وَالْوَطْءُ وَالْإِكْسَابُ لِلْمُشْتَرِي. وَلَوْ قُتِلَ، كَانَتِ الْقِيمَةُ لَهُ، وَلَا يُكَلِّفُهُ صَرْفَهَا إِلَى عَبْدٍ آخَرَ لِيُعْتِقَهُ. وَلَوْ بَاعَهُ لِغَيْرِهِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ عِتْقَهُ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ أَوْلَدَ الْجَارِيَةَ، لَمْ يُجْزِئْهُ عَنِ الْإِعْتَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ عِتْقِهِ، فَأَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا: لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الثَّمَنُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ غَيْرَهُ. وَالثَّانِي: عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ قَدْرُ التَّفَاوُتِ بِمِثْلِ نِسْبَتِهِ مِنَ الثَّمَنِ. وَالثَّالِثُ: لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ، إِنْ شَاءَ أَجَازَ الْعَقْدَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَرَدَّ مَا أَخَذَ مِنَ الثَّمَنِ وَرَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ. وَالرَّابِعُ: يَنْفَسِخُ. ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْأَوْجُهَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ لِلْبَائِعِ، أَمْ مُطَّرِدَةٌ، سَوَاءٌ قُلْنَا: لَهُ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى؟ فِيهِ رَأْيَانِ لِلْإِمَامِ. أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي.
قُلْتُ: وَهَذَا الثَّانِي، مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَإِطْلَاقِهِمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ أَنْ يُدَبِّرَهُ، أَوْ يُكَاتِبَهُ، أَوْ يُعْتِقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute