الْعَبْدُ خَيَّاطًا، أَوْ كَاتِبًا، وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا، كَشَرْطِ الْخِيَارِ. فَهَذِهِ الشُّرُوطُ لَا تُفْسِدُ الْعَقْدَ، وَتَصِحُّ فِي أَنْفُسِهَا. وَالْقِسْمُ الثَّانِي: نَوْعَانِ. مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ يُورِثُ تَنَازُعًا، وَمَا يَتَعَلَّقُ.
فَالْأَوَّلُ: كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا الْهَرِيسَةَ، وَلَا يَلْبَسَ إِلَّا الْخَزَّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ، بَلْ يَلْغُو، هَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ. وَقَالَ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» : لَوْ شَرَطَ الْتِزَامَ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ، بِأَنْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يُصَلِّيَ النَّوَافِلَ، أَوْ يَصُومَ شَهْرًا غَيْرَ رَمَضَانَ، أَوْ يُصَلِّيَ الْفَرَائِضَ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِهَا، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ. وَمُقْتَضَى هَذَا فَسَادُ الْعَقْدِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ. وَالثَّانِي: كَشَرْطِهِ أَنْ لَا يَقْبِضَ مَا اشْتَرَاهُ، أَوْ لَا يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالْوَطْءِ وَنَحْوِهِمَا، وَكَشَرْطِ بَيْعِ آخَرَ، أَوْ قَرْضٍ، وَكَشَرْطِ أَنْ لَا خَسَارَةَ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِهِ إِنْ بَاعَهُ فَنَقَصَ، فَهَذِهِ الشُّرُوطُ وَأَشْبَاهُهَا فَاسِدَةٌ تُفْسِدُ الْبَيْعَ، إِلَّا الْإِعْتَاقَ عَلَى مَا سَبَقَ.
فَرْعٌ:
لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَمْلِ، لَا مِنْ مَالِكِ الْأُمِّ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ. وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا بَيْعًا مُطْلَقًا، دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ. وَلَوْ بَاعَهَا وَاسْتَثْنَى حَمْلَهَا، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَحَكَى الْإِمَامُ فِيهِ وَجْهَيْنِ. وَلَوْ كَانَتِ الْأُمُّ لِإِنْسَانٍ، وَالْحَمْلُ لِآخَرَ، فَبَاعَ الْأُمَّ لِمَالِكِ الْحَمْلِ أَوْ لِغَيْرِهِ، أَوْ بَاعَ جَارِيَةً حَامِلًا بِحُرٍّ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ. وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ. وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً، أَوْ دَابَّةً بِشَرْطِ أَنَّهَا حَامِلٌ، فَقَوْلَانِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: يَصِحُّ الْبَيْعُ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ. وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي الْجَارِيَةِ قَطْعًا، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ، أَمْ لَا. إِنْ قُلْنَا: لَا، لَمْ يَصِحَّ، وَإِلَّا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute