صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي عَبْدِهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: يَصِحُّ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ. وَفِي عِلَّتِهِ وَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْجَمْعُ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ. وَالثَّانِي: جَهَالَةُ الْعِوَضِ الَّذِي يُقَابِلُ الْحَلَالَ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ مُتَقَوَّمًا، وَهُوَ نَوْعَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَتَأَتَّى تَقْدِيرُ التَّقْوِيمِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ تَغَيُّرِ الْخِلْقَةِ، كَمَنْ بَاعَ حُرًّا وَعَبْدًا، فَالْحُرُّ غَيْرُ مُتَقَوَّمٍ، لَكِنْ يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ رَقِيقًا. وَفِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْفَسَادِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْقَوْلَانِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِالْحَالِ. فَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَالْوَجْهُ: الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدَهُ وَمُكَاتَبَهُ، أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَقَوَّمَانِ بِدَلِيلِ الْإِتْلَافِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَتَأَتَّى تَقْدِيرُ تَقْوِيمِهِ مِنْ غَيْرِ فَرْضِ تَغَيُّرِ الْخِلْقَةِ، كَمَنْ بَاعَ خَلًّا وَخَمْرًا، أَوْ مُذَكَّاةً وَمَيْتَةً، أَوْ شَاةً وَخِنْزِيرًا، فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي الْخَلِّ وَالْمُذَكَّاةِ وَالشَّاةِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْعَبْدِ مَعَ الْحُرِّ، وَأَوْلَى بِالْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّقْوِيمِ مِنَ التَّقْدِيرِ بِغَيْرِهِ، وَلَا يَكُونُ الْمُقَوَّمُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْعَقْدِ. وَلَوْ رَهَنَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ، أَوْ حُرًّا وَعَبْدًا، أَوْ وَهَبَهُمَا، فَإِنْ صَحَّحْنَا الْبَيْعَ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى الْعِلَّتَيْنِ. وَلَوْ زَوَّجَ أُخْتَهُ وَأَجْنَبِيَّةً، أَوْ مُسْلِمَةً وَمَجُوسِيَّةً، فَكَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ. الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَقَعَ التَّفْرِيقُ فِي الِانْتِهَاءِ، وَهُوَ قِسْمَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا، كَمَنِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا، انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِي التَّالِفِ، وَفِي الْبَاقِي طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي جَمْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ؛ لِعَدَمِ الْعِلَّتَيْنِ. وَلَوْ تَفَرَّقَا فِي السَّلَمِ وَبَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ غَيْرُ مَقْبُوضٍ، أَوْ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute