فَرْعٌ
الْجُرْمُوقُ: هُوَ الَّذِي يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ غَالِبًا. فَإِذَا لَبِسَ خُفًّا فَوْقَ خُفٍّ، فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْأَعْلَى صَالِحًا لِلْمَسْحِ عَلَيْهِ دُونَ الْأَسْفَلِ، لِضَعْفِهِ، أَوْ لِخَرْقِهِ، فَالْمَسْحُ عَلَى الْأَعْلَى خَاصَّةً.
الثَّانِي: عَكْسُهُ، فَالْمَسْحُ عَلَى الْأَسْفَلِ خَاصَّةً. فَلَوْ مَسَحَ الْأَعْلَى فَوَصَلَ الْبَلَلُ إِلَى الْأَسْفَلِ، فَإِنْ قَصَدَ مَسْحَ الْأَسْفَلِ، أَجْزَأَهُ. وَكَذَا إِنْ قَصْدَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِنْ قَصَدَ الْأَعْلَى، لَمْ يَجُزْ. وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا، بَلْ قَصَدَ الْمَسْحَ فِي الْجُمْلَةِ، أَجْزَأَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِقَصْدِهِ إِسْقَاطَ فَرَضِ الرِّجْلِ بِالْمَسْحِ.
الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَصْلُحَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَيَتَعَذَّرُ الْمَسْحُ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَصْلُحَا كِلَاهُمَا، فَفِي الْمَسْحِ عَلَى الْأَعْلَى وَحْدَهُ قَوْلَانِ: الْقَدِيمُ جَوَازُهُ، وَالْجَدِيدُ: مَنْعُهُ.
قُلْتُ: الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْجَدِيدُ، وَصَحَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي شَرْحِ (الْفُرُوعِ) الْقَدِيمَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ جَوَّزْنَا الْمَسْحَ عَلَى الْجُرْمُوقِ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سُرَيْجٍ فِيهِ ثَلَاثَةَ مَعَانٍ. أَظْهَرُهَا: أَنَّ الْجُرْمُوقَ بَدَلٌ عَنِ الْخُفِّ، وَالْخُفُّ بَدَلٌ عَنِ الرِّجْلِ. وَالثَّانِي: الْأَسْفَلُ كَلِفَافَةٍ، وَالْأَعْلَى هُوَ الْخُفُّ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُمَا كَخُفٍّ وَاحِدٍ، فَالْأَعْلَى ظِهَارَةٌ، وَالْأَسْفَلُ بِطَانَةٌ. وَتَتَفَرَّعُ عَلَى الْمَعَانِي مَسَائِلُ. مِنْهَا: لَوْ لَبِسَهُمَا مَعًا عَلَى طَهَارَةٍ فَأَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَسْحِ الْأَسْفَلِ، جَازَ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ دُونَ الْآخَرَيْنِ. وَمِنْهَا: لَوْ لَبِسَ الْأَسْفَلَ عَلَى طَهَارَةٍ، وَالْأَعْلَى عَلَى حَدَثٍ، فَفِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْأَعْلَى طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ. وَأَصَحُّهُمَا فِيهِ وَجْهَانِ. إِنْ قُلْنَا بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute