للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ

إِذَا حُمِلَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَأُخْرِجَ مِنَ الْمَجْلِسِ مُكْرَهًا، فَإِنْ مُنِعَ الْفَسْخَ بِأَنْ سُدَّ فَمُهُ، لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ كَالْقَوْلَيْنِ فِي الْمَوْتِ، وَهُنَا أَوْلَى بِبَقَائِهِ ; لِأَنَّ إِبْطَالَ حَقِّهِ قَهْرًا بَعِيدٌ. وَإِنْ لَمْ يُمْنَعِ الْفَسْخَ، فَطَرِيقَانِ.

أَحَدُهُمَا: يَنْقَطِعُ. وَأَصَحُّهُمَا: عَلَى وَجْهَيْنِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَنْقَطِعُ. فَإِنْ قُلْنَا: يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ، انْقَطَعَ أَيْضًا خِيَارُ الْمَاكِثِ، وَإِلَّا فَلَهُ التَّصَرُّفُ بِالْفَسْخِ وَالْإِجَارَةِ إِذَا تَمَكَّنَ. وَهَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَتَقَيَّدُ بِالْفَوْرِ، وَكَانَ مُسْتَقِرًّا حِينَ زَايَلَهُ الْإِكْرَاهُ فِي الْمَجْلِسِ، امْتَدَّ الْخِيَارُ امْتِدَادَ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ. وَإِنْ كَانَ مَارًّا، فَإِذَا فَارَقَ فِي مُرُورِهِ مَكَانَ التَّمَكُّنِ انْقَطَعَ خِيَارُهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ الِانْقِلَابُ إِلَى مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِيَجْتَمِعَ بِالْعَاقِدِ الْآخَرِ إِنْ طَالَ الزَّمَانُ. وَإِنْ قَصَرَ فَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ. وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُ الْمُخْرَجِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُ الْمَاكِثِ أَيْضًا إِنْ مُنِعَ الْخُرُوجَ مَعَهُ، وَإِلَّا بَطَلَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ ضُرِبَا حَتَّى تَفَرَّقَا بِأَنْفُسِهِمَا، فَفِي انْقِطَاعِ الْخِيَارُ قَوْلَانِ كَحِنْثِ الْمُكْرَهِ. وَلَوْ هَرَبَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَتْبَعْهُ الْآخَرُ مَعَ التَّمَكُّنِ، بَطَلَ خِيَارُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ بَطَلَ خِيَارُ الْهَارِبِ وَحْدَهُ، قَالَهُ فِي «التَّهْذِيبِ» .

قُلْتُ: أَطْلَقَ الْفُورَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبَا «الْعُدَّةِ» وَ «الْبَيَانِ» وَغَيْرُهُمْ: أَنَّهُ يَبْطُلُ خِيَارُهُمَا بِلَا تَفْصِيلٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنَ الْفَسْخِ بِالْقَوْلِ، وَلِأَنَّ الْهَارِبَ فَارَقَ مُخْتَارًا، بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ، فَإِنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>