أَوْ تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَرُدَّ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ. وَعَلَى الثَّانِي: وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، لِدُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَى بَصِيرَةٍ وَإِمْسَاكِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ.
قُلْتُ: قَالَ صَاحِبُ «التَّلْخِيصِ» : كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ، فَعَلَى مُتْلِفِهِ الْقِيمَةُ، إِلَّا فِي مَسْأَلَةٍ، وَهُوَ الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَا قَيِمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِ. قَالَ الْقَفَّالُ: هَذَا صَحِيحٌ، لَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْإِتْلَافِ. قَالَ: وَكَذَا الْعَبْدُ إِذَا قَتَلَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ، فَقَتَلَهُ رَجُلٌ، فَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ. قَالَ: فَهَذَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَا قَيِمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِ، فَهَذِهِ صُورَةٌ ثَانِيَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: بَيْعُ مَنْ وَجَبَ قَطْعُهُ بِقِصَاصٍ أَوْ سَرِقَةٍ، صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ. فَلَوْ قُطِعَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، عَادَ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ. فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِحَالِهِ حَتَّى قُطِعَ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ، لِكَوْنِ الْقَطْعِ مِنْ ضَمَانِهِ، لَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْأَرْشِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَطْعِ وَغَيْرَ مُسْتَحِقِّهِ مِنَ الثَّمَنِ. وَعَلَى الْأَصَحِّ: لَهُ الرَّدُّ وَاسْتِرْجَاعُ جَمِيعِ الثَّمَنِ، كَمَا لَوْ قُطِعَ فِي يَدِ الْبَائِعِ. فَلَوْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ، فَالنَظَرُ فِي الْأَرْشِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إِلَى التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْعَبْدِ سَلِيمًا وَأَقْطَعَ. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا، فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَلَا الْأَرْشُ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا اشْتَرَى مُزَوَّجَةً لَمْ يَعْلَمْ حَالَهَا حَتَّى وَطِئَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ الْقَبْضِ، فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، فَلَهُ الرَّدُّ. وَإِنَّ كَانَتْ بِكْرًا، فَنَقْصُ الِافْتِضَاضِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. إِنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِكَوْنِهَا مُزَوَّجَةً. فَإِنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ، رَجَعَ بِالْأَرْشِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا بِكْرًا غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ وَمُزَوَّجَةً مُفْتَضَّةً مِنَ الثَّمَنِ. وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، فَلَا رَدَّ لَهُ، وَلَهُ الْأَرْشُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا بِكْرًا غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ وَبِكْرًا مُزَوَّجَةً مِنَ الثَّمَنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute