مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَلَا رَدَّ بِحَالٍ. وَالثَّالِثُ: لَا يَبْرَأُ مِنْ عَيْبٍ مَا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ: يَبْرَأُ فِي الْحَيَوَانِ مِنْ غَيْرِ الْمَعْلُومِ، دُونَ الْمَعْلُومِ، وَلَا يَبْرَأُ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ مِنَ الْمَعْلُومِ، وَفِي غَيْرِ الْمَعْلُومِ قَوْلَانِ. وَالطَّرِيقُ الرَّابِعُ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ. ثَالِثُهَا: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعْلُومِ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَرُدُّ الْعَيْبَ، جَرَى فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ. وَزَعَمَ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» : أَنَّهُ فَاسِدٌ قَطْعًا، مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ.
وَلَوْ عَيَّنَ عَيْبًا وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَايَنُ، كَقَوْلِهِ: بِشَرْطِ بَرَاءَتِي مِنَ الزِّنَا أَوِ السَّرِقَةِ أَوِ الْإِبَاقِ، بَرِئَ مِنْهُ بِلَا خِلَافٍ ; لِأَنَّ ذِكْرَهَا إِعْلَامٌ بِهَا. وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعَايَنُ، كَالْبَرَصِ، فَإِنْ أَرَاهُ قَدْرَهُ وَمَوْضِعَهُ، بَرِئَ قَطْعًا، وَإِلَّا فَهُوَ كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا، لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِهِ وَمَوْضِعِهِ. وَهَكَذَا فَصَّلُوا، وَكَأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِيمَا يَعْرِفُهُ فِي الْمَبِيعِ مِنَ الْعُيُوبِ. فَأَمَّا مَا لَا يَعْرِفُهُ وَيُرِيدُ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ لَوْ كَانَ، فَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ تَفْرِيعًا عَلَى فَسَادِ الشَّرْطِ فِيهِ خِلَافًا. .
التَّفْرِيعُ: إِنْ بَطَلَ هَذَا الشَّرْطُ، لَمْ يَبْطُلْ بِهِ الْبَيْعُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ صَحَّ، فَذَلِكَ فِي الْعُيُوبِ الْمَوْجُودَةِ حَالَ الْعَقْدِ. فَأَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبْضِ، فَيَجُوزُ الرَّدُّ بِهِ. وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنَ الْعُيُوبِ الْكَائِنَةِ وَالَّتِي سَتَحْدُثُ، فَوَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ: أَنَّهُ فَاسِدٌ. فَإِنْ أَفْرَدَ مَا سَيَحْدُثُ بِالشَّرْطِ، فَأَوْلَى بِالْفَسَادِ. وَأَمَّا إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ، فَكَمَا لَا يَبْرَأُ عَمَّا عَلِمَهُ وَكَتَمَهُ، فَكَذَا لَا يَبْرَأُ عَنِ الْعُيُوبِ الظَّاهِرَةِ مِنَ الْحَيَوَانِ، لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهَا، وَإِنَّمَا يَبْرَأُ عَنْ عُيُوبِ بَاطِنِ الْحَيَوَانِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا. وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَبَرَ نَفْسَ الْعِلْمِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ. وَهَلْ يَلْحَقُ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ بِالْحَيَوَانِ؟ قِيلَ: نَعَمْ، لِعُسْرِ مَعْرِفَتِهِ. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَا، لِتَبَدُّلِ أَحْوَالِ الْحَيَوَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute