للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بَاقِيًا وَالثَّمَنُ تَالِفًا، جَازَ الرَّدُّ، وَيَأْخُذُ مِثْلَهُ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتَهُ إِنْ كَانَ مُتَقَوَّمًا أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ إِلَى يَوْمِ الْقَبْضِ، وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ كَالْقَرْضِ، وَخُرُوجُهُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، كَالتَّلَفِ. وَلَوْ خَرَجَ وَعَادَ، فَهَلْ يَتَعَيَّنُ لِأَخْذِ الْمُشْتَرِي، أَمْ لِلْبَائِعِ إِبْدَالُهُ؟ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: أَوَّلُهُمَا.

وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا فِي يَدِهِ بِحَالِهِ، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَخَذَهُ. وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهُ، فَفِي تَعْيِينِهِ لِأَخْذِ الْمُشْتَرِي، وَجْهَانِ. وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا، نُظِرَ، إِنْ تَلَفَ بَعْضُهُ، أَخَذَ الْبَاقِي وَبَدَّلَ التَّالِفَ. وَإِنْ كَانَ نَقْصَ صِفَةٍ، كَالشَّلَلِ وَنَحْوِهِ، لَمْ يَغْرُمِ الْأَرْشَ عَلَى الْأَصَحِّ. كَمَا لَوْ زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، يَأْخُذُهَا مَجَّانًا. وَلَوْ لَمْ تَنْقُصِ الْقِيمَةُ بِالْعَيْبِ، كَخُرُوجِ الْعَبْدِ خَصِيًّا، فَلَا أَرْشَ. وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْعِتْقِ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا بَعْدَمَا أَعْتَقَهُ، نَقَلَ ابْنُ كَجٍّ عَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ: أَنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ هُنَا. وَنَقَلَ عَنْهُ وَجْهَيْنِ فِيمَنِ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا، قَالَ: وَعِنْدِي: لَهُ الْأَرْشُ فِي الصُّورَتَيْنِ.

الْحَالُ الثَّالِثُ: لَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنِ الْمَبِيعِ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ عَيْبًا، فَلَا رَدَّ فِي الْحَالِ. وَأَمَّا الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ، فَإِنْ زَالَ بِعِوَضٍ كَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الثَّوَابِ وَالْبَيْعِ، فَقَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ كَمَا لَوْ مَاتَ، وَهَذَا تَخْرِيجُ ابْنِ سُرَيْجٍ. فَعَلَى تَخْرِيجِهِ لَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ مُشْتَرِيهِ بِالْعَيْبِ، فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ مَعَ الْأَرْشِ وَاسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ؟ وَجْهَانِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي، وَهُوَ الْمَشْهُورُ: لَا يَرْجِعُ. وَلِمَ لَا يَرْجِعُ؟ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ الْحَدَّادِ: لِأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ الظُّلَامَةَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: لِأَنَّهُ مَا أَيِسَ مِنَ الرَّدِّ، فَرُبَّمَا عَادَ إِلَيْهِ فَرَدَّهُ. وَهَذَا الْمَعْنَى، هُوَ الْأَصَحُّ، وَهُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ. وَإِنْ زَالَ بِلَا عِوَضٍ، فَعَلَى تَخْرِيجِ ابْنِ سُرَيْجٍ: يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ. وَعَلَى الْمَشْهُورِ، وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ. إِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ: رَجَعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَدْرِكِ الظُّلَامَةَ. وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، فَلَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>