إِنْ عَلَّلْنَا بِالْأَوَّلِ، لَمْ يُرَدَّ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ الظُّلَامَةَ، وَلَمْ يَبْطُلْ ذَلِكَ الِاسْتِدْرَاكُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ. وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالثَّانِي، رَدَّ، لِزَوَالِ التَّعَذُّرِ، كَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ.
وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي: أَنَّ الْمِلْكَ الْعَائِدَ، هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ غَيْرِ الزَّائِلِ؟ وَإِنْ عَادَ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ عَلَّلْنَا بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، لَمْ يَرُدَّ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، لِحُصُولِ الِاسْتِدْرَاكِ، وَيَرُدُّ عَلَى الثَّانِي. وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالثَّانِي، فَإِنْ شَاءَ رَدَّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الثَّانِي. وَإِذَا رَدَّ عَلَى الثَّانِي، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَرُدُّ عَلَى الْأَوَّلِ. وَيَجِيءُ وَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَى الْأَوَّلِ، بِنَاءً عَلَى أَنِ الزَّائِلَ الْعَائِدَ كَالَّذِي لَمْ يَعُدْ. وَوَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ، لَرَدَّ هُوَ أَيْضًا عَلَيْهِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَزُولَ لَا بِعِوَضٍ، فَيُنْظَرُ، إِنْ عَادَ أَيْضًا لَا بِعِوَضٍ، فَجَوَازُ الرَّدِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَأْخُذُ الْأَرْشَ لَوْ لَمْ يَعُدْ؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، فَلَهُ الرَّدُّ. وَإِنْ قُلْنَا: يَأْخُذُ، فَهَلْ يَنْحَصِرُ الْحَقُّ فِيهِ، أَمْ يَعُودُ إِلَى الرَّدِّ عِنْدَ الْقُدْرَةِ؟ وَجْهَانِ. وَإِنْ عَادَ بِعِوَضٍ، بِأَنِ اشْتَرَاهُ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَرُدُّ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى، فَكَذَا هُنَا، وَيَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَخِيرِ. وَإِنْ قُلْنَا: يَرُدُّ، فَهُنَا هَلْ يَرُدُّ عَلَى الْأَوَّلِ، أَوْ عَلَى الثَّانِي، أَمْ يَتَخَيَّرُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ.
فَرْعٌ
بَاعَ زَيْدٌ عَمْرًا شَيْئًا، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ، فَظَهَرَ عَيْبٌ كَانَ فِي يَدِ زَيْدٍ، فَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِالْحَالِ، فَلَا رَدَّ. وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ عَالِمًا، فَلَا رَدَّ لَهُ وَلَا لِعَمْرٍو أَيْضًا، لِزَوَالِ مِلْكِهِ، وَلَا أَرْشَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ، لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ، أَوْ لِتَوَقُّعِ الْعَوْدِ. فَإِنْ تَلَفَ فِي يَدِ زَيْدٍ، أَخَذَ الْأَرْشَ عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي. وَهَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ بَاعَهُ لِغَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ عَمْرٌو عَالِمًا، فَلَا رَدَّ لَهُ، وَلِزَيْدٍ الرَّدُّ. وَإِنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ، فَلِزَيْدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute