لِلْبَائِعِ، وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ، وَيَكُونُ التَّلَفُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ. هَذَا عِنْدَ الْعِلْمِ. أَمَّا إِذَا كَانَ جَاهِلًا، بِأَنْ قَدَّمَ الْبَائِعُ الطَّعَامَ الْمَبِيعَ إِلَى الْمُشْتَرِي فَأَكَلَهُ، فَهَلْ يُجْعَلُ قَبْضًا؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إِذَا قَدَّمَ الْغَاصِبُ الطَّعَامَ الْمَغْصُوبَ إِلَى الْمَالِكِ فَأَكَلَهُ جَاهِلًا، هَلْ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ؟ فَإِنْ لَمْ نَجْعَلْهُ قَابِضًا، فَهُوَ كَإِتْلَافِ الْبَائِعِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُتْلِفَهُ أَجْنَبِيُّ، فَطَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ. وَأَظْهَرُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ، بَلْ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، إِنْ شَاءَ فَسَخَ وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ، وَيَغَرُمُ الْأَجْنَبِيُّ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ وَغَرَمَ الْأَجْنَبِيُّ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْقَوْلِ الثَّانِي، قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ. وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَهَلْ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْقِيمَةِ لِأَخْذِ الثَّمَنِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ. كَمَا يَحْبِسُ الْمُرْتَهِنُ قِيمَةَ الْمَرْهُونِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا، كَالْمُشْتَرِي إِذَا أَتْلَفَ الْمَبِيعَ، لَا يَغَرُمُ الْقِيمَةَ لِيَحْبِسَهَا الْبَائِعُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ، لَوْ تَلَفَتِ الْقِيمَةُ فِي يَدِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، هَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَبِيعِ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: لَا.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُتْلِفَهُ الْبَائِعُ، فَطَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا: يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَالْآفَةِ. وَالثَّانِي: لَا، بَلْ إِنْ شَاءَ فَسَخَ وَسَقَطَ الثَّمَنُ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ وَغَرَمَ الْبَائِعُ الْقِيمَةَ وَأَدَّى لَهُ الثَّمَنَ. وَقَدْ يَقَعُ ذَلِكَ فِي أَقْوَالِ التَّقَاصِّ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ. فَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِالِانْفِسَاخِ، عَادَ الْخِلَافُ فِي حَبْسِ الْقِيمَةِ. وَقِيلَ: لَا حَبْسَ هُنَا قَطْعًا، لِتَعَدِّيهِ بِإِتْلَافِ الْعَيْنِ.
فَرْعٌ
بَاعَ شِقْصًا مِنْ عَبْدٍ وَأَعْتَقَ بَاقِيَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ مُوسِرٌ، عَتَقَ كُلُّهُ، وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَسَقَطَ الثَّمَنُ إِنْ جَعَلْنَا إِتْلَافَ الْبَائِعِ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute