مِنَ الدَّارِ مَا يُفَوِّتَ الْغَرَضَ الْمَطْلُوبَ مِنْهَا، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا طَرَفٌ، انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ، وَجُعِلَ فَوَاتُ الْبَعْضِ فِي ذَلِكَ، كَفَوَاتِ الْكُلِّ.
الْحُكْمُ الثَّانِي لِلْقَبْضِ: التَّسَلُّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، عَقَارًا كَانَ أَوْ مَنْقُولًا، لَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ، وَلَا دُونَ إِذْنِهِ، لَا قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ، وَلَا بَعْدَهُ. وَفِي الْإِعْتَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: يَصِحُّ، وَيَصِيرُ قَبْضًا، سَوَاءٌ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ، أَمْ لَا. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ. وَالثَّالِثُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ، بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا [وَقَدْ] أَدَّاهُ الْمُشْتَرِي، صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ وَقَفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : إِنْ قُلْنَا: الْوَقْفُ يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ، فَهُوَ كَالْبَيْعِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْإِعْتَاقِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي «الْحَاوِي» ، وَقَالَ: يَصِيرُ قَابِضًا، حَتَّى لَوْ لَمْ يَرْفَعِ الْبَائِعُ يَدَهُ عَنْهُ، صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ. وَكَذَا قَالَ فِي إِبَاحَةِ الطَّعَامِ لِلْمَسَاكِينِ إِذَا كَانَ قَدِ اشْتَرَاهُ جُزَافًا.
وَالْكِتَابَةُ كَالْبَيْعِ عَلَى الْأَصَحِّ، إِذْ لَيْسَ لَهَا قُوَّةُ الْعِتْقِ وَغَلَبَتُهُ، وَالِاسْتِيلَادُ كَالْعِتْقِ. وَفِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ: لَا يَصِحَّانِ. وَإِذَا صَحَّحْنَاهُمَا، فَنَفْسُ الْعَقْدِ لَيْسَ بِقَبْضٍ، بَلْ يَقْبِضُهُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْبَائِعِ، ثُمَّ يُسَلِّمُهُ لِلْمُتَّهِبِ وَالْمُرْتَهِنِ. فَلَوْ أَذِنَ لِلْمُتَّهِبِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي قَبْضِهِ، قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : يَكْفِي، وَيَتِمُّ بِهِ الْبَيْعُ وَالرَّهْنُ وَالْهِبَةُ بَعْدَهُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَكْفِي ذَلِكَ لِلْبَيْعِ وَمَا بَعْدَهُ، وَلَكِنْ يُنْظَرُ، إِنْ قَصَدَ قَبْضَهُ لِلْمُشْتَرِي، صَحَّ قَبْضُ الْبَيْعِ، وَلَا بُدَّ مِنِ اسْتِئْنَافِ قَبْضٍ لِلْهِبَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ. وَإِنْ قَصَدَ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ، لَمْ يَحْصُلِ الْقَبْضُ لِلْبَيْعِ، وَلَا لِلْهِبَةِ ; لِأَنَّ قَبْضَهَا، يَجِبُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ تَمَامِ الْبَيْعِ. .
وَالْإِقْرَاضُ وَالتَّصَدُّقُ كَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ، فَفِيهِمَا الْخِلَافُ. وَلَا تَصِحُّ إِجَارَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَيَصِحُّ التَّزْوِيجُ عَلَى أَصَحِّ الْأَوْجُهِ، وَلَا يَصِحُّ فِي الثَّانِي. وَفِي الثَّالِثِ: إِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute