الِاسْتِبْدَالِ عَنْهَا، طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ، وَابْنُ الْقَطَّانِ. وَأَشْهَرُهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا، وَهُوَ الْجَدِيدُ: جَوَازُهُ. وَالْقَدِيمُ: مَنْعُهُ. وَلَوْ بَاعَ فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَإِنْ قُلْنَا: الثَّمَنُ مَا أُلْصِقَ بِهِ الْبَاءُ، جَازَ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ كَالنَّقْدَيْنِ، وَادَّعَى فِي «التَّهْذِيبِ» : أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَإِلَّا فَلَا ; لِأَنَّ مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ مُثَمَّنًا، لَمْ يَجُزِ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ. وَالْأُجْرَةُ كَالثَّمَنِ، وَالصَّدَاقُ وَبَدَلُ الْخُلْعِ كَذَلِكَ إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُمَا مَضْمُونَانِ ضَمَانَ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَهُمَا كَبَدَلِ الْإِتْلَافِ.
التَّفْرِيعُ: إِنْ مَنَعْنَا الِاسْتِبْدَالَ عَنِ الدَّرَاهِمِ، فَذَاكَ إِذَا اسْتَبْدَلَ عَنْهَا عَرَضًا. فَلَوِ اسْتَبْدَلَ نَوْعًا مِنْهَا بِنَوْعٍ، أَوِ اسْتَبْدَلَ الدَّرَاهِمَ عَنِ الدَّنَانِيرِ، فَوَجْهَانِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الرَّوَاجِ، وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَدَلٍ وَبَدَلٍ. ثُمَّ يُنْظَرُ، إِنِ اسْتَبْدَلَ مَا يُوَافِقُهُمَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَدَنَانِيرَ عَنْ دَرَاهِمَ، اشْتَرَطَ قَبْضَ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ، وَكَذَا إِنِ اسْتَبْدَلَ عَنِ الْحِنْطَةِ الْمَبِيعِ بِهَا شَعِيرًا إِنْ جَوَّزْنَا ذَلِكَ. وَفِي اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ الْبَدَلِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ، وَإِلَّا فَهُوَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا، كَمَا لَوْ تَصَارَفَا فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ عَيَّنَا وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ. وَإِنِ اسْتَبْدَلَ مَا لَا يُوَافِقُهَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا، كَالطَّعَامِ وَالثِّيَابِ عَنِ الدَّرَاهِمِ، نُظِرَ، إِنْ عَيَّنَ الْبَدَلَ، جَازَ. وَفِي اشْتِرَاطِ قَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ وَجْهَانِ. صَحَّحَ الْغَزَالِيُّ وَجَمَاعَةٌ الِاشْتِرَاطَ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، وَصَحَّحَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوَيُّ عَدَمَهُ.
قُلْتُ: الثَّانِي أَصَحُّ، وَصَحَّحَهُ فِي «الْمُحَرَّرِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ، بَلْ وَصَفَ فِي الذِّمَّةِ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ. إِنْ جَوَّزْنَا اشْتِرَاطَ التَّعْيِينِ فِي الْمَجْلِسِ. وَفِي اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ الْوَجْهَانِ.
الضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا لَيْسَ بِثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ، كَدَيْنِ الْقَرْضِ وَالْإِتْلَافِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute