[النَّوْعُ] الْأَوَّلُ: مَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَقْدِيرٌ، إِمَّا لِعَدَمِ إِمْكَانِهِ، وَإِمَّا مَعَ إِمْكَانِهِ، فَيُنْظَرُ، إِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُنْقَلُ كَالْأَرْضِ وَالدُّورِ، فَقَبَضَهُ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَتَمْكِينِهِ مِنَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ بِتَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ إِلَيْهِ. وَلَا يُعْتَبَرُ دُخُولُهُ وَتَصَرُّفُهُ فِيهِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَارِغًا مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ، فَلَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا أَمْتِعَةٌ لِلْبَائِعِ، تَوَقَّفَ التَّسْلِيمُ عَلَى تَفْرِيغِهَا، وَكَذَا لَوْ بَاعَ سَفِينَةً مَشْحُونَةً بِالْقُمَاشِ.
قُلْتُ: وَقَدْ حَكَى الرَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا وَجْهًا عِنْدَ بَيْعِ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ فِي بَابِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْبَيْعِ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الدَّارِ الْمَشْحُونَةِ، وَأَنَّ إِمَامَ الْحَرَمَيْنِ ادَّعَى أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ جَمَعَ الْبَائِعُ مَتَاعَهُ فِي بَيْتٍ مِنَ الدَّارِ، وَخَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ الدَّارِ، حَصَلَ الْقَبْضُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ الْبَيْتَ. وَفِي اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْمُتَبَايِعَيْنِ عِنْدَ الْمَبِيعِ، ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
أَحَدُهَا: يُشْتَرَطُ، فَإِنْ حَضَرَا عِنْدَهُ فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: دُونَكَ هَذَا وَلَا مَانِعَ، حَصَلَ الْقَبْضُ، وَإِلَّا فَلَا. وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ. وَأَصَحُّهَا: لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَشُقُّ. فَعَلَى هَذَا هَلْ يُشْتَرَطُ زَمَانُ إِمْكَانِ الْمُضِيِّ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ. وَفِي مَعْنَى الْأَرْضِ الشَّجَرُ الثَّابِتُ، وَالثَّمَرَةُ الْمَبِيعَةُ عَلَى الشَّجَرِ قَبْلَ أَوَانِ الْجِدَادِ. وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنَ الْمَنْقُولَاتِ، فَالْمَذْهَبُ وَالْمَشْهُورُ: أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِ التَّخْلِيَةُ، بَلْ يُشْتَرَطُ النَّقْلُ وَالتَّحْرِيكُ. وَفِي قَوْلٍ رَوَاهُ حَرْمَلَةُ: يَكْفِي. وَفِي وَجْهٍ: يَكْفِي لِنَقْلِ الضَّمَانِ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَلَا يَكْفِي لِجَوَازِ تَصَرُّفِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَأْمُرُ الْعَبْدَ بِالِانْتِقَالِ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَيَسُوقُ الدَّابَّةَ أَوْ يَقُودُهَا.
قُلْتُ: وَلَا يَكْفِي اسْتِعْمَالُهُ [الدَّابَّةِ] وَرُكُوبُهَا بِلَا نَقْلٍ، وَكَذَا وَطْءُ الْجَارِيَةِ عَلَى الصَّحِيحِ. ذَكَرَهُ فِي الْبَيَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute