الْإِمَامُ: وَهَذَا الْخِلَافُ إِذَا لَمْ يُعَدَّ مُقَصِّرًا مُضَيِّعًا بِتَأْخِيرِهِ، كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ. فَإِنْ عُدَّ، فَلَا مَسَاغَ لِلْخِلَافِ.
الثَّانِي: لَوْ تَلَفَ بَعْضُ الثَّمَرِ، فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا لَوْ تَلَفَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ. وَلَوْ عَابَتِ الثَّمَرَةُ بِالْجَائِحَةِ، ثَبَتَ الْخِيَارُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، كَمَا
[لَوْ] عَابَتْ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ. وَعَلَى الْجَدِيدِ: لَا يَثْبُتُ.
الثَّالِثُ: لَوْ ضَاعَتِ الثَّمَرَةُ بِغَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ. وَقِيلَ: عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَالْجَائِحَةُ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ.
قُلْتُ: إِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَاخْتَلَفَا فِي الْفَائِتِ بِالْجَائِحَةِ، فَقَالَ الْبَائِعُ: رُبْعُ الثَّمَرَةِ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي: نِصْفُهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ الْهَلَاكِ.
قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : لَوِ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ الْجَائِحَةِ، فَالْغَالِبُ أَنَّهَا لَا تَخْفَى، فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ أَصْلًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ. وَإِنْ عُرِفَ وُقُوعُهَا عَامًّا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ أَصَابَتْ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْهَلَاكِ وَلُزُومُ الثَّمَنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ، هُوَ فِي الْجَوَائِحِ السَّمَاوِيَّةِ الَّتِي لَا تُنْسَبُ إِلَى الْبَائِعِ بِحَالٍ. فَأَمَّا إِنْ تَرَكَ السَّقْيَ وَعَرَضَتْ فِي الثِّمَارِ [آفَةٌ] بِسَبَبِ الْعَطَشِ. فَإِنْ تَلَفَتْ، فَالْمَذْهَبُ: الْقَطْعُ بِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ. وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ كَالسَّمَاوِيَّةِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا انْفِسَاخَ، لَزِمَ الْبَائِعَ الضَّمَانُ بِالْقِيمَةِ أَوِ الْمِثْلِ. وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا تَلَفَ، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى مَا كَانَ يَنْتَهِي إِلَيْهِ لَوْلَا الْعَارِضُ. وَإِنْ تَعَيَّبَتْ، فَلِلْمُشْتَرَى الْخِيَارُ. وَإِنْ قُلْنَا: الْجَائِحَةُ مِنْ ضَمَانِهِ ; لِأَنَّ الشَّرْعَ أَلْزَمَ الْبَائِعَ تَنْمِيَةَ الثِّمَارِ بِالسَّقْيِ، فَالتَّعَيُّبُ الْحَادِثُ بِتَرْكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute