الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمُسْتَحَاضَاتِ
هُنَّ أَرْبَعٌ:
الْأُولَى: الْمُبْتَدَأَةُ الْمُمَيِّزَةُ وَهِيَ: الَّتِي تَرَى الدَّمَ عَلَى نَوْعَيْنِ، أَوْ أَنْوَاعٍ، أَحَدُهَا أَقْوَى، فَتُرَدُّ إِلَى التَّمْيِيزِ، فَتَكُونُ حَائِضًا فِي أَيَّامِ الْقَوِيِّ، مُسْتَحَاضَةً فِي أَيَّامِ الضَّعِيفِ. وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِالتَّمْيِيزِ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ. أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَزِيدَ الْقَوِيُّ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِيُمْكِنَ جَعْلُهُ حَيْضًا. وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَنْقُصَ الضَّعِيفُ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِيُمْكِنَ جَعْلُهُ طُهْرًا بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ الضَّعِيفِ، أَنْ لَا تَكُونَ مُتَّصِلَةً فَلَوْ رَأَتْ يَوْمًا أَسْوَدَ، وَيَوْمَيْنِ أَحْمَرَ، وَهَكَذَا أَبَدًا، فَجُمْلَةُ الضَّعِيفِ فِي الشَّهْرِ تَزِيدُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، لَكِنْ لَا يُعَدُّ هَذَا تَمْيِيزًا لِعَدَمِ اتِّصَالِهِ. هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الشُّرُوطَ ثَلَاثَةٌ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ. وَلَنَا وَجْهَانِ شَاذَّانِ بِاشْتِرَاطِ شَرْطٍ رَابِعٍ. أَحَدُهُمَا قَالَهُ صَاحِبُ (التَّتِمَّةِ) : أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَلَّا يَزِيدَ الْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ، عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا. فَإِنْ زَادَ، سَقَطَ التَّمْيِيزُ. وَالثَّانِي: مَذْكُورٌ فِي (النِّهَايَةِ) : أَنَّ الدَّمَيْنِ إِنْ كَانَا تِسْعِينَ يَوْمًا فَمَا دُونَهَا، عَمَلْنَا بِالتَّمْيِيزِ، فَإِنْ جَاوَزَ تِسْعِينَ، ابْتَدَأَتْ حَيْضَةٌ أُخْرَى بَعْدَ التِّسْعِينَ. وَجُعِلَ دَوْرُهَا تِسْعِينَ أَبَدًا. وَفِي الْمُعْتَبَرِ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا هُوَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ، أَنَّ الْقُوَّةَ تَحْصُلُ بِإِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: اللَّوْنُ، وَالرَّائِحَةُ، وَالثَّخَانَةُ. فَالْأَسْوَدُ أَقْوَى مِنَ الْأَشْقَرِ. وَالْأَشْقَرُ أَقْوَى مِنَ الْأَصْفَرِ وَمِنَ الْأَكْدَرِ إِذَا جَعَلْنَاهُمَا حَيْضًا. وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ أَقْوَى مِمَّا لَا رَائِحَةَ لَهُ. وَالثَّخِينُ أَقْوَى مِنَ الرَّقِيقِ. وَلَوْ كَانَ دَمُهَا بَعْضُهُ مَوْصُوفًا بِصِفَةٍ مِنَ الثَّلَاثِ، وَبَعْضُهُ خَالِيًا عَنْ جَمِيعِهَا، فَالْقَوِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute