أَوِ الْتَمَسَا الْفَسْخَ. أَمَّا إِذَا أَعْرَضَا عَنِ الْخُصُومَةِ، وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ، وَلَا فَسَخَا، فَفِيهِ تَرَدُّدٌ. ثُمَّ إِذَا فُسِخَ الْعَقْدُ ارْتَفَعَ فِي الظَّاهِرِ. وَفِي ارْتِفَاعِهِ فِي الْبَاطِنِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. ثَالِثُهَا: إِنْ كَانَ الْبَائِعُ صَادِقًا ارْتَفَعَ؛ لِتَعَذُّرِ وُصُولِهِ إِلَى حَقِّهِ. كَمَا لَوْ فُسِخَ بِإِفْلَاسِهِ. وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَلَا؛ لِتَمَكُّنِهِ بِالصِّدْقِ مِنْ حَقِّهِ. وَهَلْ يَجْرِي مِثْلُ هَذَا الْخِلَافِ إِذَا قُلْنَا: يَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ التَّحَالُفِ، أَمْ يُقْطَعُ بِالِارْتِفَاعِ بَاطِنًا؟ وَجْهَانِ. فَإِذَا قُلْنَا: يَرْتَفِعُ بَاطِنًا، تَرَادَّا، وَتَصَرَّفَ كُلُّ وَاحِدٍ فِيمَا عَادَ إِلَيْهِ. وَإِنْ مَنَعْنَاهُ، لَمْ يَجُزْ لَهُمَا التَّصَرُّفُ، لَكِنْ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ صَادِقًا، فَقَدْ ظَفَرَ بِمَالِ مَنْ ظَلَمَهُ، وَهُوَ الْمَبِيعُ الَّذِي اسْتَرَدَّهُ، فَلَهُ بَيْعُهُ بِالْحَاكِمِ عَلَى وَجْهٍ، وَبِنَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ: إِنْ صَدَرَ الْفَسْخُ مِنَ الْمُحِقِّ، فَالْوَجْهُ تَنْفِيذُهُ بَاطِنًا. وَإِنْ صَدَرَ مِنَ الْمُبْطِلِ، فَالْوَجْهُ مَنْعُهُ. وَإِنْ صَدَرَ مِنْهُمَا، فَلَا شَكَّ فِي الِانْفِسَاخِ بَاطِنًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْضِعَ الْخِلَافِ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ تَقَابَلَا. وَإِذَا صَدَرَ مِنَ الْمُبْطِلِ، وَلَمْ يُنْفِذْهُ بَاطِنًا فَطَرِيقُ الصَّادِقِ إِنْشَاءُ الْفَسْخِ إِنْ أَرَادَ الْمِلْكَ فِيمَا عَادَ إِلَيْهِ. وَإِنْ صَدَرَ مِنَ الْقَاضِي فَالظَّاهِرُ: الِانْفِسَاخُ بَاطِنًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمُحِقُّ.
فَرْعٌ
إِذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ بِالتَّحَالُفِ أَوْ فُسِخَ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ رَدُّ الْمَبِيعِ إِنْ كَانَ بَاقِيًا بِحَالِهِ، وَيَبْقَى لَهُ الْوَلَدُ وَالثَّمَرَةُ وَالْكَسْبُ وَالْمَهْرُ. وَإِنْ كَانَ تَالِفًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ أَكَثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ، أَمْ لَا.
قُلْتُ: وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ لِابْنِ خَيْرَانَ: لَا يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ زِيَادَةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي الْقِيمَةِ الْمُعْتَبَرَةِ أَوْجُهٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ: أَقْوَالٌ. أَصَحُّهَا: قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ. وَالثَّانِي: يَوْمَ الْقَبْضِ. وَالثَّالِثُ: أَقَلُّهَا. وَالرَّابِعُ: أَكْثَرُ الْقِيَمِ مِنَ الْقَبْضِ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute