للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: هَذَا الْمَذْكُورُ تَفْرِيعٌ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ: أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً. وَشَذَّ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» فَقَالَ: لَا تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً، بَلْ يُقَسَّمُ الْبَيْتُ وَحْدَهُ، وَيُسَلَّمُ نَصِيبُ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهَنِ، ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي، كَمَا لَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ الْبَيْتِ. وَقَدْ أَشَارَ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» وَمَنْ تَابَعَهُ، إِلَى أَنَّهُمَا إِذَا اقْتَسَمَا فَخَرَجَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، يَبْقَى مَرْهُونًا، وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَالْمُتَحَصِّلُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ: أَنَّ الْمُخْتَارَ جَوَازُ قِسْمَتِهِمَا جُمْلَةً، وَأَنْ لَا يَبْقَى مَرْهُونًا، بَلْ يَغْرَمُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

إِذَا رُهِنَ الْمُشَاعُ، فَقَبْضُهُ بِتَسْلِيمٍ لَهُ، فَإِذَا قُبِضَ، جَرَتِ الْمُهَايَأَةُ بَيْنَ الْمُرْتَهَنِ وَالشَّرِيكِ جَرَيَانَهَا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ. وَلَا بَأْسَ بِتَبَعُّضِ الْيَدِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، كَمَا لَا بَأْسَ بِهِ لِاسْتِيفَاءِ الرَّاهِنِ الْمَنَافِعَ.

قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ مِمَّا لَا يُنْقَلُ، خَلَّى الرَّاهِنُ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَبَيْنَهُ، سَوَاءٌ حَضَرَ الشَّرِيكُ أَمْ لَا. وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُنْقَلُ لَمْ يَحْصُلْ قَبْضُهُ إِلَّا بِالنَّقْلِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الشَّرِيكِ. فَإِنْ أَذِنَ، قَبَضَ، وَإِنِ امْتَنَعَ، فَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِكَوْنِهَا فِي يَدِ الشَّرِيكِ، جَازَ، وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ، وَإِنْ تَنَازَعَا، نَصَّبَ الْحَاكِمُ عَدْلًا يَكُونُ فِي يَدِهِ لَهُمَا، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْفَعَةٌ آجَرَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشَّرْطُ الثَّانِي: مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَهُوَ صَلَاحِيَةُ الْمُرْتَهَنِ، لِثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ. فَإِنْ رَهَنَ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ مُصْحَفًا عِنْدَ كَافِرٍ، أَوِ السِّلَاحَ عِنْدَ حَرْبِيٍّ، أَوْ جَارِيَةً حَسْنَاءَ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ، صَحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي جَمِيعِهَا، فَيُجْعَلُ الْعَبْدُ وَالْمُصْحَفُ فِي يَدِ عَدْلٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>