للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

رَهْنُ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ لَهُ حَالَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَرْهَنَهُ مَعَ الشَّجَرِ. فَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ مِمَّا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ، صَحَّ، سَوَاءٌ بَدَا فِيهَا الصَّلَاحُ. أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ، وَلَمْ نُصَحِّحْ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ الْفَسَادُ، فَالْمَذْهَبُ: بُطْلَانُ رَهْنِ الثَّمَرِ. وَفِي الشَّجَرِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ فِيهِمَا قَطْعًا.

الثَّانِي: رَهْنُ الثَّمَرِ وَحْدَهُ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ، فَهُوَ كَرَهْنِ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ، وَإِلَّا، فَهُوَ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: يُرْهَنُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ. فَإِنْ رَهَنَ بِدَيْنٍ حَالٍّ وَشَرَطَ قَطْعَهَا وَبَيْعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ، جَازَ. وَإِنْ أَطْلَقَ، جَازَ أَيْضًا عَلَى الْأَظْهَرِ.

وَإِنْ رَهَنَ بِمُؤَجَّلٍ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ يَحُلُّ قَبْلَ بُلُوغِ الثَّمَرِ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ أَوْ بَعْدَهُ، فَهُوَ كَالْحَالِّ. وَإِنْ كَانَ يَحُلُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ، فَإِنْ رَهَنَهَا مُطْلَقًا لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ قَطْعًا كَالْبَيْعِ. وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ، فَقِيلَ: يَصِحُّ قَطْعًا. وَقِيلَ: عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَجْهُ الْمَنْعِ: التَّشْبِيهُ بِمَنْ بَاعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ بَعْدَ مُدَّةٍ.

قُلْتُ: الْمَذْهَبُ الصِّحَّةُ فِيمَا إِذَا شَرَطَ الْقَطْعَ، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَرْهَنَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، فَيَجُوزُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَمُطْلَقًا. إِنْ رَهَنَ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ، هُوَ فِي مَعْنَاهُ. وَإِنْ رَهَنَهُ بِمُؤَجَّلٍ يَحُلُّ قَبْلَ بُلُوغِهَا وَقْتَ الْإِدْرَاكِ، فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ. وَمَتَى صَحَّ رَهْنُ الثِّمَارِ عَلَى الْأَشْجَارِ، فَمُؤْنَةُ السَّقْيِ وَالْجِدَادِ وَالتَّجْفِيفِ عَلَى الرَّاهِنِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنْهَا وَأَنْفَقَهُ عَلَيْهَا. وَلَوْ تَوَافَقَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى تَرْكِ السَّقْيِ، جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى عَلْفِ الْحَيَوَانِ. وَادَّعَى الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>