الصِّفَةِ. وَلَمْ يَفْصِلِ الْجُمْهُورُ، بَلْ أَطْلَقُوا الْقَوْلَ بِالْبُطْلَانِ. وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ يَحُلُّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا مُدَّةَ الْإِجَارَةِ أَوْ مَعَهَا، صَحَّتْ قَطْعًا. فَإِنْ حَلَّ قَبْلَ انْقِضَائِهَا بِمَوْتِ الرَّاهِنِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ، وَيُضَارِبُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْأُجْرَةِ الْمَدْفُوعَةِ مَعَ الْغُرَمَاءِ. وَالثَّانِي وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَطَّانِ: أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَصْبِرُ إِلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، كَمَا يَصْبِرُ الْغُرَمَاءُ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِتَسْتَوْفِيَ الْمُعْتَدَّةُ حَقَّ السُّكْنَى جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ. وَعَلَى هَذَا، يُضَارِبُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ فِي الْحَالِّ. فَإِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَبِيعَ الْمَرْهُونُ، قُضِيَ بَاقِي دَيْنِهِ. فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ، فَلِلْغُرَمَاءِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا أَجَّرَ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ. فَلَوْ أَجَّرَهُ، جَازَ وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مُسْتَأْجِرَهُ فَرَهَنَهُ عِنْدَهُ، جَازَ. فَلَوْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الرَّهْنِ، ثُمَّ سَلَّمَهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا، جَازَ. وَلَوْ سَلَّمَ عَنِ الرَّهْنِ، وَقَعَ عَنْهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْإِجَارَةِ مُسْتَحَقٌّ. وَلَوْ سَلَّمَ عَنِ الْإِجَارَةِ، لَوْ يَحْصُلُ قَبْضُ الرَّهْنُ. وَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ مَنْعِ الرَّاهِنِ
[مِنْ] الْبَيْعِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ. وَالْحُكْمُ بِإِبْطَالِهَا، هُوَ الْجَدِيدُ الْمَشْهُورُ. وَعَلَى الْقَدِيمِ الْمُجَوِّزِ وَقْفُ الْعُقُودِ: تَكُونُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مَوْقُوفَةً عَلَى الْفِكَاكِ وَعَدَمِهِ، وَمَالَ الْإِمَامُ إِلَى تَخْرِيجِهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْمُفْلِسِ مَالَهُ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَرْعٌ
إِذَا أَعْتَقَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ، فَفِي تَنْفِيذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا: الثَّالِثُ، وَهُوَ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، نُفِّذَ، وَإِلَّا، فَلَا، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُنَفَّذُ، فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ، فَلَوِ انْفَكَّ بِإِبْدَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَقَوْلَانِ، أَوْ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا يُنَفَّذُ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إِعْتَاقَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، ثُمَّ زَالَ حَجْرُهُ. وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِالنُّفُوذِ. وَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: عَلَى الْخِلَافِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute