للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا الْمُؤْنَاتُ الدَّائِرَةُ، فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: حُكْمُهَا حُكْمُ مَا لَوْ هَرَبَ الْجَمَّالُ وَتَرَكَ الْجِمَالَ الْمُسْتَأْجِرَةَ، أَوْ عَجَزَ عَنِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا.

قُلْتُ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْهِ لِأَرْجِعَ فِي مَالِ الرَّاهِنِ، أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ. فَإِنِ اتَّفَقَ وَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا بِالنَّفَقَةِ وَالدَّيْنِ، فَهُوَ كَفِدَائِهِ الْمَرْهُونَ الْجَانِيَ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِهِ، وَفِيهِ طَرِيقَانِ تَقَدَّمَا. وَالْمَذْهَبُ: الصِّحَّةُ. فَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْحَاكِمُ، أَوْ لَمْ يُمَكِّنْهُ، وَلَمْ يَشْهَدْ، فَلَا رُجُوعَ، وَإِنْ أَشْهَدْ، فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى هَرَبِ الْجَمَّالُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

لَا يَمْنَعُ الرَّاهِنُ مَصْلَحَةً فِي الْمَرْهُونِ، كَفَصْدِهِ وَحِجَامَتِهِ، وَتَوْدِيجِ الدَّابَّةِ وَبَزْغِهَا وَالْمُعَالَجَةِ بِالْأَدْوِيَةِ وَالْمَرَاهِمِ، لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ. وَطَرَدَ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» الْوَجْهَيْنَ فِي الْمُدَاوَاةِ. ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الْمُدَاوَاةُ مِمَّا يُرْجَى نَفْعُهُ وَيُؤْمَنُ ضَرَرُهُ، فَذَاكَ، وَإِنْ خِيفَ وَغَلَبَتِ السَّلَامَةُ، فَهَلْ لِلْمُرْتَهَنِ مَنْعُهُ؟ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيَجْرِيَانِ فِي قَطْعِ الْيَدِ الْمُتَآكِلَةِ إِذَا كَانَ فِي قَطْعِهَا وَتَرْكِهَا خَطَرٌ. فَإِنْ كَانَ الْخَطَرُ فِي التَّرْكِ دُونَ الْقَطْعِ، فَلَهُ الْقَطْعُ، وَلَيْسَ لَهُ قَطْعُ سِلْعَةٍ وَأُصْبُعٍ لَا خَطَرَ فِي تَرْكِهَا، إِذَا خِيفَ ضَرَرٌ، فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ السَّلَامَةَ، فَعَلَى الْخِلَافِ. وَلَهُ خِتَانُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فِي وَقْتِ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ، إِنْ كَانَ يَنْدَمِلُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ; لِأَنَّهُ ضَرُورِيُّ، وَالْغَالِبُ مِنْهُ السَّلَامَةُ. وَإِنْ لَمْ يَنْدَمِلْ، وَكَانَ فِيهِ نَقْصٌ لَمْ يَجُزْ. وَكَذَا لَوْ كَانَ بِهِ عَارِضٌ يُخَافُ مَعَهُ مِنَ الْخِتَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>