أَكْثَرَ، فَقَدْرُ الْأَرْشِ رَهْنٌ. وَأَمَّا الْبَهِيمَةُ الْمَرْهُونَةُ، إِذَا ضُرِبَتْ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَلَا شَيْءَ عَلَى الضَّارِبِ سِوَى أَرْشُ النَّقْصِ إِنْ نَقَصَتْ، وَيَكُونُ رَهْنًا.
الثَّالِثُ: فِي فَكِّ الرَّهْنِ.
يَنْفَكُّ بِأَسْبَابٍ. أَحَدُهَا: فَسْخُ الْمُرْتَهِنِ. وَالثَّانِي: تَلَفُ الْمَرْهُونِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ. إِذَا جَنَى الْمَرْهُونُ لَمْ يَبْطُلِ الرَّهْنُ بِمَجْرَدِهِ، بَلِ الْجِنَايَةُ ضَرْبَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَتَعَلَّقُ بِأَجْنَبِيٍّ، فَيُقَدَّمُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ فِي الرَّقَبَةِ. وَحَقٌّ الْمُرْتَهِنِ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ. فَإِنِ اقْتَصَّ مِنْهُ، بَطَلَ الرَّهْنُ. فَإِنْ وَجَبَ مَالٌ، فَبِيعَ فِيهِ، بَطَلَ أَيْضًا. حَتَّى لَوْ عَادَ إِلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا. وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ دُونَ قِيمَةِ الْعَبْدِ، بِيعَ بِقَدْرِهِ، وَالْبَاقِي رَهْنٌ. فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ، أَوْ نَقَصَ بِالتَّبْعِيضِ، بِيعَ كُلُّهُ، وَمَا فَضَلَ عَنِ الْأَرْشِ يَكُونُ رَهْنًا. وَلَوْ عَفَا عَنِ الْأَرْشِ، أَوْ فَدَاهُ الرَّاهِنُ، بَقِيَ رَهْنًا. وَكَذَا لَوْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ. ثُمَّ فِي رُجُوعِهِ عَلَى الرَّاهِنِ مَا سَبَقَ فِي رَهْنِ أَرْضِ الْخَرَاجِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا جَنَى بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ.
فَإِنْ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا، أَوْ كَانَ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ السَّيِّدِ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ، فَالْجَانِي هُوَ السَّيِّدُ، وَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوِ الضَّمَانُ، وَلَا يَتَعَلَّقُ الْمَالُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْأَصَحِّ. فَإِنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ، فَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ، لَزِمَ السَّيِّدُ أَنْ يَرْهَنَ قِيمَتَهُ مَكَانَهُ. وَإِذَا جَنَى مِثْلَ هَذَا الْعَبْدِ، فَقَالَ السَّيِّدُ: أَنَا أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، بَلْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهَا، وَعَلَى السَّيِّدِ الْقِيمَةُ، لِإِقْرَارِهِ. وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُمَيِّزًا يَعْرِفُ أَنَّهُ لَا يُطَاعُ السَّيِّدُ فِيهِ، بَالِغًا كَانَ أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَأْذَنِ السَّيِّدُ إِلَّا أَنَّ السَّيِّدَ يَأْثَمُ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالسَّيِّدِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: إِذَا جَنَى عَلَى طَرَفِ سَيِّدِهِ عَمْدًا، فَلَهُ الْقِصَاصُ. فَإِنِ اقْتَصَّ، بَطَلَ الرَّهْنُ. وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً، فَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ ; لِأَنَّ السَّيِّدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute