الرَّابِعُ: إِذَا وَكَّلَ رَجُلَانِ رَجُلًا يَرْهَنُ عَبْدَهُمَا عِنْدَ زَيْدٍ بِدَيْنِهِ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ قَضَى أَحَدُ الْمُوَكِّلَيْنِ دَيْنَهُ، فَقِيلَ: قَوْلَانِ. وَالْمَذْهَبُ: الْقَطْعُ بِانْفِكَاكِ نَصِيبِهِ، وَلَا نَظَرَ إِلَى اتِّحَادِ الْوَكِيلِ وَتَعَدُّدِهِ. قَالَ الْإِمَامُ: لِأَنَّ مَدَارَ الْبَابِ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَتَعَدُّدِهِ، وَمَتَى تَعَدَّدَ الْمُسْتَحِقُّ أَوِ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ، تَعَدَّدَ الدَّيْنُ. وَيُخَالِفُ هَذَا، الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، حَيْثُ ذَكَرْنَا خِلَافًا فِي أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ وَاتِّحَادِهَا بِالْمُتَبَايِعَيْنِ، أَمْ بِالْوَكِيلِ؟ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ عَقْدَ ضَمَانٍ حَتَّى يُنْظَرَ فِيهِ إِلَى الْمُبَاشِرِ.
الْخَامِسُ: إِذَا اسْتَعَارَ عَبْدًا مِنْ مَالِكِيهِ لِيَرْهَنَهُ، فَرَهَنَهُ، ثُمَّ أَدَّى نِصْفَ الدَّيْنِ، وَقَصَدَ بِهِ الشُّيُوعَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ بِحِصَّةِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَنْفَكَّ مِنَ الرَّهْنِ شَيْءٌ. وَإِنْ قَصَدَ أَدَاءً عَنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لِيَنْفَكَّ نَصِيبُهُ، فَفِي انْفِكَاكِهِ أَقْوَالٌ.
ثَالِثُهَا: أَنَّهُ إِنْ عَلِمَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّ الْعَبْدَ لِمَالِكَيْنِ، انْفَكَّ، وَإِلَّا، فَلَا، حَكَاهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا نَعْلَمُ لِهَذَا وَجْهًا ; لِأَنَّ عَدَمَ الِانْفِكَاكِ لِاتِّحَادِ الدَّيْنِ وَالْعَاقِدَيْنِ، وَلَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالْجَهْلِ وَالْعِلْمِ، وَإِنَّمَا أَثَّرَ الْجَهْلُ إِثْبَاتَ الْخِيَارِ. ثُمَّ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَظْهَرَ الِانْفِكَاكُ.
قُلْتُ: صَرَّحَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» وَغَيْرُهُ، بِأَنَّ الِانْفِكَاكَ أَظْهَرُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَبْدَانِ مُتَمَاثِلَا الْقِيمَةِ، فَاسْتَعَارَهُمَا لِلرَّهْنِ، فَرَهَنَهُمَا، ثُمَّ قَضَى نِصْفَ الدَّيْنِ لِيَنْفَكَّ أَحَدُهُمَا، فَالْأَصَحُّ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ. وَقِيلَ: يَنْفَكُّ قَطْعًا. وَإِذَا قُلْنَا بِالِانْفِكَاكِ، وَكَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ، فَلِلْمُرْتَهَنِ الْخِيَارُ إِذَا جَهِلَ بِأَنَّهُ لِمَالِكَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: الْأَظْهَرُ. وَلَوِ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَرَهَنَ عِنْدَ رَجُلَيْنِ، كَانَ نَصِيبُ كَلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالِكَيْنِ مَرْهُونًا عِنْدَ الرَّجُلَيْنِ. فَلَوْ أَرَادَ فَكَّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِقَضَاءِ نِصْفِ دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُرْتَهِنَيْنِ، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَإِنْ أَرَادَ فَكَّ نِصْفِ الْعَبْدِ بِقَضَاءِ دَيْنِ أَحَدِهِمَا، فَلَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ. وَلَوِ اسْتَعَارَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ، وَرُهِنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute