للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: قَوْلُ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ: الْحُكْمُ بِالِانْفِكَاكِ، إِنَّمَا يَظْهَرُ إِذَا كَانَ ابْتِدَاءُ التَّعَلُّقِ. . . إِلَى آخِرِهِ. هَذَا خِلَافُ مُقْتَضَى إِطْلَاقِ الْإِمَامِ، وَالْغَزَالِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى إِطْلَاقِهَا، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنَ الْأُولَى فِي شَيْءٍ ; لِأَنَّ الْأُولَى: فِي انْفِكَاكِ نَصِيبِ الِابْنِ مِنَ الْعَيْنِ الَّتِي رَهَنَهَا الْمَيِّتُ. وَالثَّانِيَةُ: فِي فَكِّ نَصِيبِهِ مِنْ تَعَلُّقِ التَّرِكَةِ، وَلَيْسَ لِلرَّهْنِ فِي الثَّانِيَةِ وُجُودٌ، فَفِي قَوْلٍ: يَنْفَكُّ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِنَصِيبِهِ، فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ. وَفِي قَوْلٍ: لَا يَنْفَكُّ التَّعَلُّقُ، فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي نَصِيبِهِ إِذَا مَنَعْنَا تَصَرُّفَ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

إِذَا كَانَ الْمَرْهُونُ لِمَالِكَيْنِ، وَانْفَكَّ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا بِأَدَاءٍ أَوْ إِبْرَاءٍ، فَأَرَادَ الْقِسْمَةَ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْقَسِمُ بِالْأَجْزَاءِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، فَلَهُ أَنْ يُقَاسِمَ الْمُرْتَهِنَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ بِالْأَجْزَاءِ كَالثِّيَابِ، وَالْعَبِيدِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: لَا يُجَابُ إِلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ أَرْضًا مُخْتَلِفَةَ الْأَجْزَاءِ كَالدَّارِ، قَالُوا: لَزِمَ الشَّرِيكُ أَنْ يُوَافِقَهُ، وَفِي الْمُرْتَهِنِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَهُ الِامْتِنَاعُ لِمَا فِي الْقِسْمَةِ مِنَ التَّبْعِيضِ وَقِلَّةِ الرَّغْبَةِ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ فِي طُرُقِهِمْ. وَزَادَ آخَرُونَ، مِنْهُمْ أَصْحَابُ الْقَفَّالِ، فَقَالُوا: تَجْوِيزُ الْقِسْمَةِ حَيْثُ جَوَّزْنَاهُ، مَبْنِيُّ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ إِفْرَازُ حَقٍّ، فَإِنْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا، فَهُوَ بَيْعُ الْمَرْهُونِ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.

وَالْجُمْهُورُ أَطْبَقُوا عَلَى تَجْوِيزِ الْقِسْمَةِ هُنَا، وَجَعَلُوا تَأْثِيرَ كَوْنِهَا بَيْعًا افْتِقَارَهَا إِلَى إِذْنِ الْمُرْتَهِنِ. ثُمَّ إِذَا جَوَّزْنَا الْقِسْمَةَ، فَطَرِيقُ الطَّالِبِ أَنْ يُرَاجِعَ الشَّرِيكَ، فَإِنْ سَاعَدَ، فَذَاكَ، وَإِلَّا، فَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِي لِيُقَسِّمَ. وَفِي وَجْهٍ: لَا حَاجَةَ إِلَى إِذْنِ الشَّرِيكِ فِي الْمُتَمَاثِلَاتِ ; لِأَنَّ قِسْمَتَهَا إِجْبَارٌ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ قَاسَمَ الْمُرْتَهِنَ وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، أَوِ الْحَاكِمِ عِنْدَ امْتِنَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>