للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَلْ يَغْرَمُ لِعَمْرٍو؟ وَيُعَبَّرُ عَنْهُمَا بِقَوْلَيِ الْغُرْمُ لِلْحَيْلُولَةِ ; لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ حَالَ بَيْنَ مَنْ أَقَرَّ لَهُ ثَانِيًا وَبَيْنَ حَقِّهِ.

فَإِنْ قُلْنَا: يَغْرَمُ، طُولِبَ فِي الْحَالِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا. وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِذَا أَيْسَرَ. وَفِيمَا يَغْرَمُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؟ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا: الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ. وَثَانِيهِمَا: الْأَرْشُ بَالِغًا مَا بَلَغَ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: يَغْرَمُ الْأَقَلُّ قَطْعًا، كَأُمِّ الْوَلَدِ، لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْقِنِّ. وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَغْرَمُ الرَّاهِنُ، فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. لَكِنْ لَوْ مَلَكَهُ، لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ فِي الْجِنَايَةِ، وَكَذَا لَوِ انْفَكَّ رَهْنُهُ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ نَكَلَ، فَعَلَى مَنْ تُرَدُّ الْيَمِينُ؟ قَوْلَانِ. وَيُقَالُ: وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: عَلَى الرَّاهِنِ ; لِأَنَّهُ مَالِكُ الْعَبْدِ، وَالْخُصُومَةُ تَجْرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْتَهِنِ. وَأَظْهَرُهُمَا: عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَالرَّاهِنُ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ شَيْئًا. فَإِذَا حَلَفَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا، بِيعَ الْعَبْدُ فِي الْجِنَايَةِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهَنِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ ; لِأَنَّ فَوَاتَهُ حَصَلَ بِنُكُولِهِ. ثُمَّ إِنْ كَانَ يَسْتَغْرِقُ الْوَاجِبُ قِيمَتَهُ، بِيعَ كُلُّهُ، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ الْأَرْشِ. وَهَلْ يَكُونُ الْبَاقِي رَهْنًا؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا ; لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ، كَالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ كَانَ جَانِيًا فِي الِابْتِدَاءِ، فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ شَيْءٍ مِنْهُ. وَإِذَا رَدَدْنَا عَلَى الرَّاهِنِ، فَنَكَلَ، فَهَلْ يُرَدُّ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؟ قَوْلَانِ. وَيُقَالُ: وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا ; لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُرَدُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. فَعَلَى هَذَا، نُكُولُ الرَّاهِنِ كَحَلِفِ الْمُرْتَهِنِ فِي تَقْرِيرِ الرَّهْنِ. وَهَلْ يَغْرَمُ الرَّاهِنُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ. وَإِنْ رَدَدْنَاهُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَنَكَلَ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: تَسْقُطُ دَعْوَاهُ، وَانْتَهَتِ الْخُصُومَةُ.

وَطَرَدَ الْعِرَاقِيُّونَ فِي الرَّدِّ مِنْهُ عَلَى الرَّاهِنِ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي عَكْسِهِ. وَإِذَا لَمْ تُرَدَّ، لَا يَغْرَمُ لَهُ الرَّاهِنُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَتُحَالُ الْحَيْلُولَةُ عَلَى نُكُولِهِ، هَذَا تَمَامُ التَّفْرِيعِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنَّ الرَّاهِنَ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ. فَإِنْ قَبِلْنَاهُ، فَهَلْ يَحْلِفُ، أَمْ يَقْبَلُ بِلَا يَمِينٍ؟ قَوْلَانِ، أَوْ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>