عَلَيْهِمَا. وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فِي الْحَالِ شَيْئًا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يُرَاجَعُ، فَيَصْرِفُهُ إِلَيْهِمَا أَوْ إِلَى مَا شَاءَ مِنْهُمَا. وَالثَّانِي: يَقَعُ عَنْهُمَا. وَعَلَى هَذَا تَرَدَّدَ الصَّيْدَلَانِيُّ فِي حِكَايَتِهِ، أَنَّهُ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا بِالتَّسْوِيَةِ، أَمْ بِالتَّقْسِيطِ؟ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ نَظَائِرُ الْمَسْأَلَةِ، كَمَا إِذَا تَبَايَعَ مُشْرِكَانِ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ، وَسَلَّمَ الزِّيَادَةَ مَنِ الْتَزَمَهَا، ثُمَّ أَسْلَمَا، فَإِنْ قَصَدَ تَسْلِيمَهُ عَنِ الزِّيَادَةِ، لَزِمَهُ الْأَصْلُ، وَإِنْ قَصَدَ تَسْلِيمَهُ عَنِ الْأَصْلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَصَدَ تَسْلِيمَهُ عَنْهُمَا، وُزِّعَ عَلَيْهِمَا، وَسَقَطَ مَا بَقِيَ مِنَ الزِّيَادَةِ. وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. وَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَيْهِ مِائَةٌ، وَلِعَمْرٍو مِثْلُهَا، فَوَكَّلَا وَكِيلًا بِالِاسْتِيفَاءِ، فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ إِلَى الْوَكِيلِ لِزَيْدٍ أَوْ لِعَمْرٍو، فَذَاكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: خُذْهُ وَادْفَعْهُ إِلَى فُلَانٍ، أَوْ إِلَيْهِمَا، فَهَذَا تَوْكِيلٌ مِنْهُ بِالْأَدَاءِ، وَلَهُ التَّغْيِيرُ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَى الْمُسْتَحِقِّ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ، اقْتِصَارٌ عَلَى الْأَصَحِّ. فَقَدْ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إِذَا قَالَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِهَذَا الْوَكِيلِ: خُذِ الْأَلْفَ وَادْفَعْهُ إِلَى فُلَانٍ، فَوَجْهَانِ. أَفْقَهُهُمَا أَنَّهُ بِالْقَبْضِ يَنْعَزِلُ عَنْ وَكَالَةِ الْمُسْتَحِقِّ، وَصَارَ وَكِيلًا لِلْمَدْيُونِ. وَالثَّانِي: يَبْقَى وَكِيلًا لِلْأَوَّلِ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ، فَمِنْ ضَمَانِ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَقَدْ بَرِئَ الدَّافِعُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ: هُوَ مِنْ ضَمَانِ الدَّافِعِ، وَالدَّيْنُ بَاقٍ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَصَّرَ الْوَكِيلُ، فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. وَأَيُّهُمَا يُطَالِبُهُ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ قَبُولُ الْوَكِيلِ صَرِيحًا بِالْقَوْلِ، بَلْ مُجَرَّدُ قَوْلِهِ: ادْفَعْ إِلَى فُلَانٍ، فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ أَبْرَأَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنَيْنِ الْمَدْيُونَ عَنْ مِائَةٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةً، فَإِنْ قَصَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا، فَهُوَ لِمَا قَصَدَ. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُبَرِّئُ: أَبْرَأْتُ عَنِ الدَّيْنِ الْخَالِي عَنِ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ، فَقَالَ الْمَدْيُونُ: بَلْ عَنِ الْآخَرِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبَرِّئِ مَعَ يَمِينِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute