لَزِمَهَا لِتِلْكَ الصَّلَاةِ وُضُوءٌ آخَرُ إِذَا لَمْ نُجَوِّزْ لِلْمُسْتَحَاضَةِ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنِ الطَّهَارَةِ.
الرَّابِعُ: يَجِبُ عَلَيْهَا صَوْمُ جَمِيعِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَيُحْسَبُ لَهَا مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَلَى الْمَنْصُوصِ وَقَوْلِ طَائِفَةٍ مِنَ الْأَصْحَابِ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، وَتَأَوَّلُوا النَّصَّ عَلَى مَا إِذَا عَلِمَتْ أَنَّ دَمَهَا كَانَ يَنْقَطِعُ فِي اللَّيْلِ، فَإِنْ نَقَصَ الشَّهْرُ، حَصَلَ عَلَى الْأَوَّلِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَعَلَى الثَّانِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَقَالَ صَاحِبُ (الْمُهَذَّبِ) : تَحْصُلُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَوَافَقَهُ صَاحِبُ (الْبَيَانِ) وَهُوَ غَلَطٌ.
قُلْتُ: لَمْ يَغْلَطْ صَاحِبُ (الْمُهَذَّبِ) ، بَلْ كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى شَهْرٍ تَامٍّ. وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ (الْمُهَذَّبِ) . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ إِذَا أَدَّتْهَا فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ، وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ، فَعَلَى هَذَا تَغْتَسِلُ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الصُّبْحِ وَتُصَلِّيهَا، ثُمَّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ تَغْتَسِلُ وَتُعِيدُهَا. وَلَا يُشْتَرَطُ الْبِدَارُ بِالْإِعَادَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، بَلْ مَتَى أَعَادَتْهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ أَوَّلِ الصُّبْحِ أَجْزَأَهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَأْخِيرُ جَمِيعِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ عَنِ الْوَقْتِ. بَلْ لَوْ وَقَعَ بَعْضُهَا فِي آخِرِ الْوَقْتِ، جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ دُونَ تَكْبِيرَةٍ، إِذَا قُلْنَا: تَلْزَمُ الصَّلَاةُ بِإِدْرَاكِ تَكْبِيرَةٍ أَوْ دُونِ رَكْعَةٍ، إِذَا قُلْنَا: لَا تَلْزَمُ إِلَّا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ إِنْ فُرِضَ الِانْقِطَاعُ قَبْلَ الثَّانِيَةِ، فَقَدِ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْهَا، وَالِانْقِطَاعُ لَا يَتَكَرَّرُ وَإِنْ فُرِضَ فِي أَثْنَائِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، كَذَا قَالَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَكَ أَنْ تَقُولَ أَشْكَالًا.
الْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ، يَتَقَدَّمُهَا الْغُسْلُ، فَإِذَا وَقَعَ بَعْضُهَا فِي الْوَقْتِ، وَالْغُسْلُ سَابِقٌ جَازَ أَنْ يَقَعَ الِانْقِطَاعُ فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ، وَيَكُونُ الْبَاقِي مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ مِنْ حِينِئِذٍ قَدْرَ رَكْعَةٍ أَوْ تَكْبِيرَةٍ، فَيَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى زَمَنِ الْغُسْلِ سِوَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْهُ، وَإِلَى الْجُزْءِ الْوَاقِعِ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ.
وَيُقَالُ: إِنْ كَانَ ذَاكَ دُونَ مَا يَلْزَمُ بِهِ الصَّلَاةَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَقْتَصِرُ النَّظَرُ عَلَى جُزْءِ الصَّلَاةِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute