للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَتِ الدُّيُونُ لِمَجَانِينَ أَوْ صِبْيَانٍ، أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، حَجَرَ لِمَصْلَحَتِهِمْ بِلَا الْتِمَاسٍ، وَلَا يَحْجُرُ لِدَيْنِ الْغَائِبِينَ ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي مَالَهُمْ فِي الذِّمَمِ، إِنَّمَا يَحْفَظُ أَعْيَانَ أَمْوَالِهِمْ.

قُلْتُ: وَإِذَا وَجَدَ الِالْتِمَاسَ مَعَ بَاقِي الشُّرُوطِ الْمُجَوِّزَةِ لِلْحَجْرِ، وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ الْحَجْرُ، صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا كَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَأَصْحَابِ «الْحَاوِي» وَ «الشَّامِلِ» وَ «الْبَسِيطِ» وَآخَرِينَ. وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ عِبَارَةَ كَثِيرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا: «فَلِلْقَاضِي الْحَجْرُ» ، وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْقَيْدُ الثَّانِي: كَوْنُ الِالْتِمَاسِ مِنَ الْغُرَمَاءِ، فَلَوِ الْتَمَسَ بَعْضُهُمْ وَدَيْنُهُ قَدْرٌ يَجُوزُ الْحَجْرُ بِهِ، حَجَرَ، وَإِلَّا، فَلَا، عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِذَا حَجَرَ، لَا يَخْتَصُّ أَثَرُهُ بِالْمُلْتَمِسِ، بَلْ يَعُمُّهُمْ كُلُّهُمْ.

قُلْتُ: أَطْلَقَ أَبُو الطِّيبِ وَأَصْحَابُ «الْحَاوِي» وَ «التَّتِمَّةِ» وَ «التَّهْذِيبِ» : أَنَّهُ إِذَا عَجَزَ مَالُهُ عَنْ دُيُونِهِ، فَطَلَبَ الْحَجْرَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ، حَجَرَ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا قَدْرَ دَيْنِ الطَّالِبِ، وَهَذَا قُوِّيَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ لَمْ يَلْتَمِسْ أَحَدٌ عَنْهُمْ، وَالْتَمَسَهُ الْمُفْلِسُ، حَجَرَ عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا.

الْقَيْدُ الثَّالِثُ: كَوْنُ الدَّيْنِ حَالًّا، فَلَا حَجْرَ بِالْمُؤَجَّلِ وَإِنْ لَمْ يَفِ الْمَالُ بِهِ ; لِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ فِي الْحَالِ. فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حَالًّا، فَإِنْ كَانَ قَدْرًا يَجُوزُ الْحَجْرُ لَهُ

[حَجَرَ] وَإِلَّا، فَلَا.

فَرْعٌ

إِذَا حَجَرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ، لَا يَحُلُّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ ; لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ مَقْصُودٌ لَهُ فَلَا يَفُوتُ. وَفِي قَوْلٍ: يَحُلُّ كَالْمَوْتِ. فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلَّا مُؤَجَّلٌ هَلْ يُحْجَرُ عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ: لَا. وَلَوْ جُنَّ وَعَلَيْهِ مُؤَجَّلٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>