قُلْتُ: وَإِذَا حُبِسَ الْمُفْلِسُ لَمْ يَأْثَمْ بِتَرْكِ الْجُمْعَةِ إِذَا كَانَ مُعْسِرًا. قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ اسْتِئْذَانُ الْغَرِيمِ حَتَّى يَمْنَعَهُ، فَيَسْقُطُ الْحُضُورُ. وَالنَّفَقَةُ فِي الْحَبْسِ فِي مَالِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَحَكَى الصَّيْمَرِيُّ، وَالشَّاشِيُّ، وَصَاحِبُ «الْبَيَانِ» فِيهَا وَجْهَيْنِ ثَانِيهِمَا أَنَّهَا عَلَى الْغَرِيمِ. فَإِنْ كَانَ الْمُفْلِسُ ذَا صَنْعَةٍ، مُكِّنَ مِنْ عَمَلِهَا فِي الْحَبْسِ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَالثَّانِي: يُمْنَعُ إِنْ عُلِمَ مِنْهُ مُمَاطَلَةٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ، حَكَاهُمَا الصَّيْمَرِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَصَاحِبُ «الْبَيَانِ» . وَرَأَيْتُ فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ سُئِلَ، هَلْ يُمْنَعُ الْمَحْبُوسُ مِنَ الْجُمْعَةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِزَوْجَتِهِ وَمُحَادَثَةِ أَصْدِقَائِهِ؟ فَقَالَ: الرَّأْيُ إِلَى الْقَاضِي فِي تَأْكِيدِ الْحَبْسِ بِمَنْعِ الِاسْتِمْتَاعِ وَمُحَادَثَةِ الصَّدِيقِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنَ الْجُمْعَةِ إِلَّا إِذَا ظَهَرَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي مَنْعِهِ. وَفِي فَتَاوَى صَاحِبِ «الشَّامِلِ» أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ شَمَّ الرَّيَاحِينِ فِي الْحَبْسِ، إِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُمْنَعْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ بَلْ يُرِيدُ التَّرَفُّهَ، مُنِعَ. وَأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِهَا لِحَاجَةٍ كَحَمْلِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ. وَأَنَّ الزَّوْجَةَ إِذَا حُبِسَتْ فِي دَيْنٍ اسْتَدَانَتْهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ، فَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يُسْقِطْ نَفَقَتَهَا مُدَّةَ الْحَبْسِ ; لِأَنَّهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَأَشْبَهَ الْمَرَضَ. وَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ، سَقَطَتْ، هَكَذَا قَالَ، وَالْمُخْتَارُ سُقُوطُهَا فِي الْحَالَيْنِ، كَمَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَاعْتَدَتْ، فَإِنَّهَا تَسْقُطُ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَوْ حُبِسَ فِي حَقِّ رَجُلٍ، فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَى عَلَيْهِ، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فَسَمِعَ الدَّعْوَى، ثُمَّ يَرُدُّهُ. قَالَ فِي الْبَيَانِ لَوْ مَرِضَ فِي الْحَبْسِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدِمُهُ فِيهِ، أُخْرِجَ. فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَخْدِمُهُ، فَفِي وُجُوبِ إِخْرَاجِهِ، وَجْهَانِ. فَإِنْ جُنَّ، أُخْرِجَ قَطْعًا. وَإِذَا حُبِسَ لِحَقِّ جَمَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ إِخْرَاجُهُ، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عَلَى إِخْرَاجِهِ وَلَوْ حُبِسَ لِحَقِّ غَرِيمٍ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute