وَيَجِبُ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ. فَإِنْ كَانَتِ الدُّيُونُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ النَّقْدِ، وَلَمْ يَرْضَ الْمُسْتَحِقُّونَ إِلَّا بِجِنْسِ حَقِّهِمْ، صَرَفَهُ إِلَيْهِ. وَإِلَّا فَيَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَيْهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَلَمًا.
فَرْعٌ
لَا يُسَلَّمُ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَدْ سَبَقَ أَقْوَالُهُ، فِيمَا إِذَا تَنَازَعَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الْبُدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ، فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: نَصُّهُ هُنَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِنَا يُبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي، وَيَجِيءُ عِنْدَ النِّزَاعِ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُمَا يُجْبَرَانِ مَعًا، وَلَا يَجِيءُ قَوْلُنَا لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ; لِأَنَّ الْحَالَّ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْخِيرَ، وَلَا قَوْلُنَا: الْبُدَاءَةُ بِالْبَائِعِ ; لِأَنَّ مِنْ تَصَرَّفَ لِغَيْرِهِ، لَزِمَهُ الِاحْتِيَاطُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: تَجِبُ الْبُدَاءَةُ هُنَا بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ، بِلَا خِلَافٍ. ثُمَّ لَوْ خَالَفَ الْوَاجِبَ وَسَلَّمَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، ضَمِنَ، وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَيْفِيَّةَ الضَّمَانِ.
مَا يَقْبِضُهُ الْحَاكِمُ مِنْ أَثْمَانِ أَمْوَالِهِ عَلَى التَّدْرِيجِ إِنْ كَانَ يَسْهُلُ قِسْمَتُهُ عَلَيْهِمْ، فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُؤَخَّرَ. وَإِنْ كَانَ يَعْسُرُ لِقِلَّتِهِ وَكَثْرَةِ الدُّيُونِ. فَلَهُ التَّأْخِيرُ لِتَجْتَمِعَ، فَإِنْ أَبَوُا التَّأْخِيرَ، فَفِي «الِنِهَايَةِ» إِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجِيبُهُمْ. وَالظَّاهِرُ، خِلَافُهُ وَإِذَا تَأَخَّرَتِ الْقِسْمَةُ، فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ إِيَّاهُ، فَعَلَ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمَانَةُ وَالْيَسَارُ. وَلْيُودَعْ عِنْدَ مَنْ يَرْضَاهُ الْغُرَمَاءُ، فَإِنِ اخْتَلَفُوا أَوْ عَيَّنُوا غَيْرَ عَدْلٍ، فَالرَّأْيُ لِلْحَاكِمِ، وَلَا يُقْنَعُ بِغَيْرِ عَدْلٍ. وَلَوْ تَلِفَ شَيْءٌ فِي يَدِ الْعَدْلِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُفْلِسِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي حَيَاةِ الْمُفْلِسِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute