فَلَا حَقَّ لِلْبَائِعِ فِيهَا. وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: يُعْتَبَرُ يَوْمُ الْقَبْضِ. وَأَمَّا الشَّجَرُ، فَفِيهَا وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَعْتَبِرُ أَكْثَرَ الْقِيمَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَنَقْصُهُ عَلَيْهِ، وَزِيَادَتُهُ لِلْمُشْتَرِي، فَيَأْخُذُ بِالْأَكْثَرِ، لِيَكُونَ النَّقْصُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ. كَمَا أَنَّ فِي الثَّمَرَةِ الْبَاقِيَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، يُعْتَبَرُ الْأَقَلُّ، لِيَكُونَ النَّقْصُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: يُعْتَبَرُ يَوْمَ الْعَقْدِ قَلَّ أَمْ كَثُرَ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ بَعْدَهُ فَهُوَ مِنَ الزِّيَادَاتِ الْمُتَّصِلَةِ، وَعَيْنُ الْأَشْجَارِ بَاقِيَةٌ، فَيَفُوزُ بِهَا الْبَائِعُ، وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ. وَهَذَا الثَّانِي، هُوَ الْمَنْقُولُ فِي «التَّهْذِيبِ» وَ «التَّتِمَّةِ» وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الْغَزَّالِيُّ. مِثْلُ ذَلِكَ، قِيمَةُ الشَّجَرِ يَوْمَ الْبَيْعِ عَشَرَةٌ، وَقِيمَةُ الثَّمَرِ خَمْسَةٌ. فَلَوْ لَمْ تَخْتَلِفِ الْقِيمَةُ، لِأَخْذِ الشَّجَرَةِ بِثُلُثَيِ الثَّمَنِ، وَضَارَبَ لِلثَّمَرَةِ بِالثُّلُثِ. وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ وَكَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ عَشَرَةً، فَعَلَى الصَّحِيحِ، هُوَ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِحَالِهَا اعْتِبَارًا لِأَقَلِّ قِيمَتِهَا. وَعَلَى الشَّاذِّ: يُضَارِبُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ. وَلَوْ نَقَصَتْ وَكَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا، ضَارَبَ بِخُمُسِ الثَّمَنِ. فَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الشَّجَرِ أَوْ نَقَصَتْ، فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، كَمَا لَوْ بَقِيَتْ بِحَالِهَا. وَعَلَى الْأَوَّلِ كَذَلِكَ إِنْ نَقَصَتْ. وَإِنْ زَادَتْ، فَكَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ، ضَارَبَ بِرُبُعِ الثَّمَنِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا اعْتَبَرْنَا فِي الثِّمَارِ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ فَتَسَاوَتَا، وَلَكِنْ بَيْنَهُمَا نَقْصٌ. فَإِنْ كَانَ لِمُجَرَّدِ انْخِفَاضِ السُّوقِ، فَلَا عِبْرَةَ بِهِ. وَإِنْ كَانَ لِعَيْبٍ طَرَأَ وَزَالَ، فَكَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ. كَمَا أَنَّهُ يَسْقُطُ بِزَوَالِهِ حَقُّ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. وَإِنْ لَمْ يُزَلِ الْعَيْبُ، لَكِنْ عَادَتْ قِيمَتُهُ إِلَى مَا كَانَ بِارْتِفَاعِ السُّوقِ، فَالَّذِي أَرَاهُ، اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَالِارْتِفَاعَ بَعْدَهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، فَلَا يُجْبِرُهُ. قَالَ: وَإِذَا اعْتَبَرْنَا فِي الشَّجَرِ أَكْثَرَ الْقِيمَتَيْنِ، فَكَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعَقْدِ مِائَةً، وَيَوْمَ الْقَبْضِ مِائَةً وَخَمْسِينَ، وَيَوْمَ رُجُوعِ الْبَائِعِ مِائَتَيْنِ، فَالْوَجْهُ: الْقَطْعُ بِاعْتِبَارِ الْمِائَتَيْنِ. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَيِ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيَوْمَ الرُّجُوعِ مِائَةً، اعْتُبِرَ يَوْمُ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ مَا طَرَأَ مِنْ زِيَادَةٍ وَنَقْصٍ وَزَالَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute