الرُّجُوعُ إِلَى عَيْنِ مَالِهِ. فَإِنْ رَجَعَا وَأَرَادَ صَاحِبُ الْغِرَاسِ الْقَلْعَ، مُكِّنَ وَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ وَأَرْشِ نَقْصِ الْأَرْضِ إِنْ نَقَصَتْ. وَإِنْ أَرَادَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ، فَكَذَلِكَ إِنْ ضَمِنَ أَرْشَ النَّقْصِ، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ غَرْسٌ مُحْتَرَمٌ، كَغَرْسِ الْمُفْلِسِ. وَالثَّانِي: لَهُ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ الْغَرْسَ مُفْرَدًا، فَيَأْخُذُهُ كَذَلِكَ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ لَا تَكُونَ الزِّيَادَةُ قَابِلَةً لِلتَّمْيِيزِ، كَخَلْطِ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، فَإِذَا اشْتَرَى صَاعَ حِنْطَةٍ أَوْ رَطْلَ زَيْتٍ، فَخَلَطَهُ بِحِنْطَةٍ، أَوْ زَيْتٍ، ثُمَّ فُلِّسَ، فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ، فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ، وَتَمَلُّكُ صَاعٍ مِنَ الْمَخْلُوطِ، وَطَلَبُ الْقِسْمَةِ. وَإِنْ طَلَبَ الْبَيْعَ، فَهَلْ يُجَابُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا، كَمَا لَا يُجَابُ الشَّرِيكُ. وَالثَّانِي: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ بِالْقِسْمَةِ إِلَى عَيْنِ حَقِّهِ، وَيَصِلُ بِالْبَيْعِ إِلَى بَدَلِ حَقِّهِ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ. وَإِنْ كَانَ الْمَخْلُوطُ أَرْدَأَ مِنَ الْمَبِيعِ، فَلَهُ الْفَسْخُ وَالرُّجُوعُ فِي قَدْرِ حَقِّهِ مِنَ الْمَخْلُوطِ. وَفِي كَيْفِيَّتِهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يُبَاعُ الْجَمِيعُ، وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ صَاعًا، نَقَصَ حَقُّهُ. وَلَوْ أَخَذَ أَكْثَرَ، حَصَلَ الرِّبَا. فَعَلَى هَذَا، إِنْ كَانَ الْمَبِيعُ يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ، وَالْمَخْلُوطُ بِهِ دِرْهَمًا، قُسِّمَ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا. وَأَصَحُّهُمَا: لَيْسَ لَهُ إِلَّا أَخْذُ صَاعٍ، أَوِ الْمُضَارَبَةُ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَصَلَ فِي الْمَبِيعِ، كَتَعَيُّبِ الْعَبْدِ. وَخَرَجَ قَوْلٌ أَنَّ الْخَلْطَ بِالْمِثْلِ وَالْأَرْدَأِ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَإِنْ كَانَ الْمَخْلُوطُ بِهِ أَجْوَدَ، فَأَقْوَالٌ. أَظْهَرُهَا: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، بَلْ يُضَارِبُ بِالثَّمَنِ. وَالثَّانِي: يُرْجَعُ وَيُبَاعَانِ، ثُمَّ يُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ. وَالثَّالِثُ: يُوَزَّعُ نَفْسُ الْمَخْلُوطِ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ يُسَاوِي دِرْهَمًا، وَالْمَخْلُوطُ بِهِ دِرْهَمَيْنِ، أَخَذَ ثُلُثَيْ صَاعٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَضْعَفُهَا، وَهُوَ رِوَايَةُ الْبُوَيْطِيِّ وَالرَّبِيعِ.
فَرْعٌ
قَالَ الْإِمَامُ: إِذَا قُلْنَا: الْخَلْطُ يُلْحِقُ الْمَبِيعَ بِالْمَفْقُودِ، فَكَانَ أَحَدُ الْخَلِيطَيْنِ كَثِيرًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute