الضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا هُوَ عَيْنٌ مِنْ وَجْهٍ، وَصِفَةٌ مِنْ وَجْهٍ، كَصَبْغِ الثَّوْبِ، وَلَتِّ السَّوِيقِ وَشِبْهِهِمَا. فَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا وَصَبَغَهُ، فَإِنْ نَقَصَتِ الْقِيمَةُ، أَوْ لَمْ تَزِدْ، فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي. وَإِنْ زَادَتْ، فَقَدْ تَزِيدُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصِّبْغِ أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ.
الْحَالُ الْأَوَّلُ: مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ يُسَاوِي أَرْبَعَةً، وَالصِّبْغُ دِرْهَمَيْنِ، وَصَارَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا سِتَّةً، فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ فِي الثَّوْبِ، وَيَكُونُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا لَهُ فِي الصَّبْغِ، فَيُبَاعُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا. وَهَلْ يَقُولُ: كُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ، وَكُلُّ الصَّبْغِ لِلْمُفْلِسِ، كَمَا لَوْ غَرَسَ؟ أَوْ يَقُولُ: يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا جَمِيعًا بِالْأَثْلَاثِ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ كَخَلْطِ الزَّيْتِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
الْحَالُ الثَّانِي: مِثْلَ أَنْ تَصِيرَ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا خَمْسَةً، فَالنَّقْصُ مُحَالٌ عَلَى الصِّبْغِ؛ لِأَنَّهُ هَالِكٌ فِي الثَّوْبِ، وَالثَّوْبُ بِحَالِهِ، فَيُبَاعُ، وَلِلْبَائِعِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الثَّوْبِ، وَلِلْمُفْلِسِ خُمُسٌ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: مِثْلَ أَنْ تَصِيرَ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا ثَمَانِيَةً، فَالزِّيَادَةُ حَصَلَتْ بِصَنْعَةِ الصَّبْغِ. فَإِنْ قُلْنَا: الصَّنْعَةُ عَيْنٌ، فَالزِّيَادَةُ مَعَ الصَّبْغِ لِلْمُفْلِسِ، فَيُجْعَلُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَإِنْ قُلْنَا: أَثَرٌ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَفُوزُ الْبَائِعُ بِالزِّيَادَةِ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ، وَلِلْمُفْلِسِ رُبُعٌ. وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: يَكُونُ لِلْبَائِعِ ثُلُثَا الثَّمَنِ، وَلِلْمُفْلِسِ ثُلُثُهُ؛ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ اتَّصَلَتْ بِهِمَا، فَوُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا. وَلَوْ صَارَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا سِتَّةَ عَشَرَ مَثَلًا، أَوْ رَغِبَ فِيهِ رَجُلٌ فَاشْتَرَاهُ، فَفِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ، هَذِهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ. ثُمَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُفْلِسُ مِنَ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، دَفْعُهُ لِيَخْلُصَ لَهُ الثَّوْبُ مَصْبُوغًا. وَمَنَعَ ذَلِكَ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» كَمَا سَبَقَ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا صَبَغَهُ بِصِبْغِ نَفْسِهِ. أَمَّا إِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا وَصِبْغًا مِنْ رَجُلٍ، فَصَبَغَهُ بِهِ، ثُمَّ فُلِّسَ، فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِيهِمَا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ بَعْدَ الصَّبْغِ كَقِيمَةِ الثَّوْبِ قَبْلَ الصَّبْغِ أَوْ دُونَهَا، فَيَكُونُ فَاقِدٌ لِلصِّبْغِ. فَإِنْ زَادَتِ الْقِيمَةُ، بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَرْبَعَةً، وَالصِّبْغِ دِرْهَمَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute