رَشِيدًا، دُفِعَ إِلَيْهِ مَالُهُ. وَهَلْ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِنَفْسِ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ؟ أَمْ يَحْتَاجُ إِلَى فَكٍّ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِالْحَاكِمِ، فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَيْهِ، كَحَجْرِ الْمَجْنُونِ، يَزُولُ بِنَفْسِ الْإِفَاقَةِ. وَالثَّانِي، يَحْتَاجُ، فَعَلَى هَذَا يَنْفَكُّ بِالْقَاضِي أَوِ الْأَبِ، أَوِ الْجَدِّ. وَفِي الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَجْهَانِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ تَصَرَّفَ قَبْلَ الْفَكِّ، فَهُوَ كَتَصَرُّفِ مَنْ أُنْشِئَ عَلَيْهِ الْحَجْرُ بِالسَّفَهِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْبُلُوغِ. وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الِاحْتِيَاجِ فِيمَا لَوْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ، ثُمَّ رَشَدَ. وَإِذَا حَصَلَ الرُّشْدُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَبَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُزَوَّجَةً أَوْ غَيْرَهَا.
فَرْعٌ
لَوْ عَادَ التَّبْذِيرُ بَعْدَمَا بَلَغَ رَشِيدًا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَعُودُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ التَّبْذِيرِ، كَمَا لَوْ جُنَّ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَعُودُ، لَكِنْ يُعِيدُهُ الْقَاضِي، وَلَا يُعِيدُهُ غَيْرُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ أَبُو يَحْيَى الْبَلْخِيُّ: يُعِيدُهُ الْأَبُ وَالْجَدُّ كَمَا يُعِيدُهُ الْقَاضِي. وَلَوْ عَادَ الْفِسْقُ دُونَ التَّبْذِيرِ، لَمْ يَعُدِ الْحَجْرُ قَطْعًا، وَلَا يُعَادُ أَيْضًا عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ لَمْ يَحْجُرُوا عَلَى الْفَسَقَةِ، بِخِلَافِ الِاسْتِدَامَةِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ كَانَ ثَابِتًا، فَبَقِيَ. وَإِذَا حُجِرَ عَلَى مَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ السَّفَهُ، ثُمَّ عَادَ رَشِيدًا، فَإِنْ قُلْنَا: الْحَجْرُ عَلَيْهِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِحَجْرِ الْقَاضِي، لَمْ يَرْتَفِعْ إِلَّا بِرَفْعِهِ. وَإِذَا قُلْنَا: يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ، فَفِي زَوَالِهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِيمَنْ بَلَغَ رَشِيدًا. وَأَمَّا الَّذِي يَلِي أَمْرَ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِلسَّفَهِ الطَّارِئِ، فَهُوَ الْقَاضِي إِنْ قُلْنَا: لَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْقَاضِي. وَإِنْ قُلْنَا: يَصِيرُ مَحْجُورًا بِنَفْسِ السَّفَهِ، فَوَجْهَانِ، كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، أَحَدُهُمَا الْأَبُ، ثُمَّ الْجَدُّ كَحَالِ الصِّغَرِ، وَكَمَا لَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا. وَالثَّانِي: الْقَاضِي لِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَبِ زَالَتْ، فَلَا تَعُودُ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فِي صُورَةِ الْجُنُونِ، وَالثَّانِي أَصَحُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute