فَرْعٌ
إِنْ دَعَتْ ضَرُورَةُ حَرِيقٍ أَوْ نَهْبٍ إِلَى الْمُسَافَرَةِ بِمَالِهِ، سَافَرَ، وَإِلَّا، فَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا، لَمْ يُسَافِرْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ آمِنًا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ قَدْ تَقْتَضِي ذَلِكَ، وَالْوَلِيُّ مَأْمُورٌ بِالْمَصْلَحَةِ بِخِلَافِ الْمُودَعِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ كَالْوَدِيعَةِ.
قُلْتُ: لَوْ سَافَرَ بِهِ فِي الْبَحْرِ، لَمْ يَجُزْ إِنْ كَانَ مَخُوفًا، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ سَلَامَتُهُ غَالِبَةً عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ إِنْ أَوْجَبْنَا رُكُوبَهُ لِلْحَجِّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
ثُمَّ إِذَا أَجَازَ لَهُ الْمُسَافَرَةَ بِهِ، جَازَ أَنْ يَبْعَثَهُ مَعَ أَمِينٍ.
لَيْسَ لِغَيْرِ الْقَاضِي إِقْرَاضُ مَالِ الصَّبِيِّ، إِلَّا عِنْدَ ضَرُورَةِ نَهْبٍ أَوْ حَرِيقٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا. وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي الْإِقْرَاضُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ. وَفِي وَجْهٍ: الْقَاضِي كَغَيْرِهِ. وَلَا يَجُوزُ إِيدَاعُهُ مَعَ إِمْكَانِ الْإِقْرَاضِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ، فَلَهُ الْإِيدَاعُ. وَيُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُودِعُهُ الْأَمَانَةَ، وَفِي مَنْ يُقْرِضُهُ الْأَمَانَةَ وَالْيَسَارَ. وَإِذَا أَقْرَضَ وَرَأَى أَنْ يَأْخُذَ بِهِ رَهْنًا، أَخَذَهُ، وَإِلَّا تَرَكَهُ.
قُلْتُ: يُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ إِذَا حَجَرَ عَلَى السَّفِيهِ، أَنْ يُشْهِدَ عَلَى حَجْرِهِ. وَإِنْ رَأَى أَنْ يُنَادِيَ عَلَيْهِ فِي الْبَلَدِ، نَادَى مُنَادِيهِ لِيَتَجَنَّبَ النَّاسُ مُعَامَلَتَهُ. وَحَكَى فِي «الْحَاوِي» وَ «الْمُسْتَظْهِرِيِّ» عَنْ أَبِي عَلِيِّ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجْهًا، أَنَّهُ يَجِبُ الْإِشْهَادُ، وَهُوَ شَاذٌّ. وَإِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ أَوِ السَّفِيهِ كَسْبٌ، أَجْبَرَهُ الْوَلِيُّ عَلَى الِاكْتِسَابِ لِيَرْتَفِقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute