الْهِبَةِ، وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهَا. وَفِي صِحَّتِهِ بِلَفْظِ الصُّلْحِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ يَتَضَمَّنُ الْمُعَاوَضَةَ. وَمُحَالٌ أَنْ يُقَابِلَ مِلْكَهُ بِبَعْضِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ الْخَاصِّيَّةَ الَّتِي يَفْتَقِرُ إِلَيْهَا لَفْظُ الصُّلْحِ، هِيَ سَبْقُ الْخُصُومَةِ، وَقَدْ حَصَلَتْ. وَلَا يَصِحُّ هَذَا الصِّنْفُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ.
فَرْعٌ
الصُّلْحُ يُخَالِفُ الْبَيْعَ فِي صُوَرٍ:
إِحْدَاهَا: الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ، وَهِيَ إِذَا صَالَحَ صُلْحَ الْحَطِيطَةِ بِلَفْظِ الصُّلْحِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا.
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ: بِعْنِي دَارَكَ بِكَذَا فَبَاعَ صَحَّ. وَلَوْ قَالَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ: صَالِحْنِي عَنْ دَارِكَ هَذِهِ بِأَلْفٍ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ لَا يُطْلَقُ إِلَّا إِذَا سَبَقَتْ خُصُومَةٌ، وَكَأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا لَوِ اسْتَعْمَلَا لَفْظَ الصُّلْحِ بِلَا نِيَّةٍ. فَلَوِ اسْتَعْمَلَاهُ وَنَوَيَا الْبَيْعَ، كَانَ كِنَايَةً بِلَا شَكٍّ، وَجَرَى فِيهِ الْخِلَافُ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِالْكِنَايَةِ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ صَالَحَ عَنِ الْقِصَاصِ، صَحَّ وَلَا مَدْخَلَ لِلَفْظِ الْبَيْعِ فِيهِ.
الرَّابِعَةُ: قَالَ صَاحِبُ «التَّلْخِيصِ» لَوْ صَالَحْنَا أَهْلَ الْحَرْبِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى شَيْءٍ نَأْخُذُهُ مِنْهُمْ، جَازَ وَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ الْبَيْعُ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الْقَفَّالُ، بِأَنَّ تِلْكَ الْمُصَالَحَةَ لَيْسَتْ مُصَالَحَةً عَنْ أَمْوَالِهِمْ وَإِنَّمَا نُصَالِحُهُمْ وَنَأْخُذُ مِنْهُمْ لِلْكَفِّ عَنْ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَهَذَا صَحِيحٌ، وَلَكِنْ لَا يَمْنَعُ مُخَالَفَةَ اللَّفْظَيْنِ، فَإِنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ لَا يَجْرِي فِي أَمْثَالِ تِلْكَ الْمُصَالَحَاتِ.
الْخَامِسَةُ: قَالَ صَاحِبُ «التَّلْخِيصِ» لَوْ صَالَحَ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ عَلَى شَيْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute