للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُنِعُوا مِنَ السَّدِّ وَالْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلُّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الِاسْتِطْرَاقَ إِلَيْهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ. وَعَلَى قِيَاسِهِ، لَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ عِنْدَ الْإِضْرَارِ وَإِنْ رَضِيَ أَهْلُ السِّكَّةِ، لَحِقَ سَائِرَ الْمُسْلِمِينَ.

الْأَمْرُ الثَّانِي: فَتْحُ الْبَابِ، فَلَيْسَ لِمَنْ لَا بَابَ لَهُ فِي السِّكَّةِ إِحْدَاثُ بَابٍ إِلَّا بِرِضَى أَهْلِهَا كُلِّهِمْ. فَلَوْ قَالَ: أَفْتَحُ إِلَيْهَا بَابًا لِلِاسْتِضَاءَةِ دُونَ الِاسْتِطْرَاقِ، أَوْ أَفْتَحُهُ وَأُسَمِّرُهُ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: عِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ الْكَرْخِيِّ: يُمْنَعُ.

قُلْتُ: قَلَّ مَنْ بَيَّنَ الْأَصَحَّ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَلِهَذَا، اقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ عَلَى نِسْبَةِ التَّصْحِيحِ إِلَى الْكَرْخِيِّ. وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» وَالرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» وَخَالَفَهُمُ الْجُرْجَانِيُّ، وَالشَّاشِيُّ، فَصَحَّحَا الْمَنْعَ، وَهُوَ أَفْقَهُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَلَوْ كَانَ لَهُ بَابٌ فِي السِّكَّةِ، وَأَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ مَا يَفْتَحُهُ أَبْعَدَ مِنْ رَأْسِ السِّكَّةِ، فَلِمَنِ الْبَابُ الْمَفْتُوحُ بَيْنَ دَارِهِ وَرَأْسِ السِّكَّةِ مَنْعُهُ، وَفِيمَنْ دَارُهُ بَيْنَ الْبَابِ وَرَأْسِ السِّكَّةِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى كَيْفِيَّةِ الشَّرِكَةِ كَمَا سَبَقَ فِي الْجَنَاحِ. وَإِنْ كَانَ مَا يَفْتَحُهُ أَقْرَبَ إِلَى رَأْسِ السِّكَّةِ، فَإِنْ سَدَّ الْأَوَّلَ جَازَ، وَإِلَّا فَكَمَا إِذَا كَانَ أَبْعَدَ؛ لِأَنَّ الْبَابَ الثَّانِيَ إِذَا انْضَمَّ إِلَى الْأَوَّلِ أَوْرَثَ زِيَادَةَ زَحْمَةِ النَّاسِ وَوُقُوفِ الدَّوَابِّ، فَيَتَضَرَّرُونَ بِهِ. وَحَكَى فِي النِّهَايَةِ طَرِيقَةً جَازِمَةً، بِأَنْ لَا مَنْعَ لِمَنْ يَقَعُ الْمَفْتُوحُ بَيْنَ دَارِهِ وَرَأْسِ السِّكَّةِ؛ لِأَنَّ الْفَاتِحَ لَا يَمُرُّ عَلَيْهِمْ. وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَطَّرِدَ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمَفْتُوحُ أَبْعَدَ مِنْ رَأْسِ السِّكَّةِ.

قُلْتُ: جَزَمَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» بِأَنَّهُ إِذَا فَتَحَ بَابًا آخَرَ أَقْرَبَ إِلَى رَأْسِ السِّكَّةِ، وَلَمْ يَسُدَّ الْأَوَّلَ جَازَ، وَلَا مَنْعَ لِأَحَدٍ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا، فَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ أَقْوَى. وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّافِعِيُّ - فِيمَا إِذَا كَانَ الْمَفْتُوحُ أَبْعَدَ - حُكِمَ مِنْ بَابِهِ مُقَابِلَ الْمَفْتُوحِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>