للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَتْرَةِ وَالنَّقَاءِ دَمُ الْحَيْضِ يَجْتَمِعُ فِي الرَّحِمِ، ثُمَّ الرَّحِمُ يَقْطُرُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَالْفَتْرَةُ مَا بَيْنَ ظُهُورِ دَفْعَةٍ وَانْتِهَاءِ أُخْرَى مِنَ الرَّحِمِ إِلَى الْمَنْفَذِ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ النَّقَاءُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَرُبَّمَا تَرَدَّدَ النَّاظِرُ، فِي أَنَّ مُطْلَقَ الزَّائِدِ، هَلْ يَخْرُجُ عَنِ الْفَتْرَةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ؟ .

قُلْتُ: الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْفَتْرَةَ هِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يَنْقَطِعُ فِيهَا جَرَيَانُ الدَّمِ، وَيَبْقَى أَثَرٌ، بِحَيْثُ لَوْ أَدْخَلَتْ فِي فَرْجِهَا قُطْنَةً، لَخَرَجَ عَلَيْهَا أَثَرُ الدَّمِ مِنْ حُمْرَةٍ، أَوْ صُفْرَةٍ، أَوْ كُدْرَةٍ، فَهَذِهِ حَالَةُ حَيْضٍ قَطْعًا طَالَتْ أَمْ قَصُرَتْ.

وَالنَّقَاءُ: أَنْ يَصِيرَ فَرْجُهَا بِحَيْثُ لَوْ أَدْخَلَتِ الْقُطْنَةَ، لَخَرَجَتْ بَيْضَاءَ، فَهَذَا الضَّبْطُ، هُوَ الَّذِي ضَبَطَهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي (الْأُمِّ) وَالشُّيُوخُ الثَّلَاثَةُ: أَبُو حَامِدِ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، وَصَاحِبُهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبُ، وَصَاحِبُهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي تَعَالِيقِهِمْ. فَلَا مَزِيدَ عَلَيْهِ، وَلَا مَحِيدَ عَنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَدْرُ الدَّمِ وَالنَّقَاءِ، أَوْ يَزِيدَ أَحَدُهُمَا لَوْ رَأَتْ صُفْرَةً، أَوْ كُدْرَةً بَيْنَ سَوَادَيْنِ، وَقُلْنَا: إِنَّهَا فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْعَادَةِ لَيْسَتْ حَيْضًا فَهِيَ كَالنَّقَاءِ.

وَإِذَا قُلْنَا بِالسَّحْبِ، فَشَرْطُهُ كَوْنُ النَّقَاءِ مُحْتَوِشًا بِدَمَيْنِ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ. فَإِنْ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ طُهْرٌ بِلَا خِلَافٍ.

مِثَالُهُ: رَأَتِ (الدَّمَ) يَوْمًا وَيَوْمًا إِلَى الثَّالِثَ عَشَرَ، وَلَمْ يَعُدِ الدَّمُ فِي الْخَامِسَ عَشَرَ فَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ طُهْرٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ النَّقَاءَ فِيهِمَا لَمْ يَتَعَقَّبْهُ دَمٌ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>