للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ بِعِبَارَتَيْنِ. إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَبِيعَ سَطْحَ الْبَيْتِ أَوْ عُلُوَّهُ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ. وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَبِيعَ حَقَّ الْبِنَاءِ عَلَى مِلْكِهِ. وَالْأُولَى هِيَ عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ. وَالثَّانِيَةُ: عِبَارَةُ الْإِمَامِ، وَالْغَزَّالِيِّ، - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - تَعَالَى. وَالْأَشْبَهُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ. ثُمَّ فِي حَقِيقَةِ هَذَا الْعَقْدِ، أَوْجُهٌ. أَحَدُهَا أَنَّهُ بَيْعٌ وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي بِهِ مَوَاضِعَ رُءُوسِ الْجُذُوعِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِجَارَةٌ. وَإِنَّمَا لَمْ يُشْرَطْ تَقْدِيرُ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْوَارِدَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ تُتْبَعُ فِيهِ الْحَاجَةُ. فَإِذَا اقْتَضَتِ التَّأْبِيدَ أُبِّدَ كَالنِّكَاحِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا وَلَا إِجَارَةً مَحْضَيْنِ، بَلْ فِيهِ شِبْهُهُمَا، لِكَوْنِهِ عَلَى مَنْفَعَةٍ، لَكِنَّهَا مُؤَبَّدَةٌ. فَإِذَا قُلْنَا: لَيْسَ بَيْعًا، فَعَقَدَهُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمُدَّةٍ، انْعَقَدَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يُوَافِقُ الْبَيْعَ فِي التَّأْبِيدِ، يُوَافِقُهَا فِي الْمَنْفَعَةِ. وَإِذَا جَرَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ، وَبَنَى الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ أَنْ يُكَلِّفَهُ النَّقْصَ لِيَغْرَمَ لَهُ أَرْشَ النَّقْضِ. وَلَوِ انْهَدَمَ الْجِدَارُ أَوِ السَّقْفُ بَعْدَ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ وَإِعَادَةِ مَالِكِهِ، فَلِلْمُشْتَرِي إِعَادَةُ الْبِنَاءِ بِتِلْكَ الْآلَاتِ أَوْ بِمِثْلِهَا. وَلَوِ انْهَدَمَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَلِلْمُشْتَرِي الْبِنَاءُ عَلَيْهِ إِذَا أَعَادَهُ. وَهَلْ يُجْبِرُهُ عَلَى إِعَادَتِهِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. وَلَوْ هَدَمَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَوْ غَيْرُهُ السُّفْلَ قَبْلَ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي، فَعَلَى الْهَادِمِ قِيمَةُ حَقِّ الْبِنَاءِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ. فَلَوْ أُعِيدَ السُّفْلُ، اسْتَرَدَّ الْهَادِمُ الْقِيمَةَ لِزَوَالِ الْحَيْلُولَةِ. وَلَوْ كَانَ الْهَدْمُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، فَالْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ قُلْنَا: إِنَّ مَنْ هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ، يَلْزَمُهُ إِعَادَتُهُ، لَزِمَهُ إِعَادَةُ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ. وَإِنْ قُلْنَا: عَلَيْهِ أَرْشُ النَّقْصِ، فَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِ الْآلَاتِ، وَقِيمَةُ حَقِّ الْبِنَاءِ لِلْحَيْلُولَةِ. وَبِالْجُمْلَةِ لَا يَنْفَسِخُ هَذَا الْعَقْدُ بِعَارِضِ هَدْمٍ وَانْهِدَامٍ، لِالْتِحَاقِهِ بِالْبُيُوعِ.

فَرْعٌ

سَوَاءٌ جَرَى الْإِذْنُ فِي الْبِنَاءِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، يَجِبُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>