فِي تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ الْقَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ إِسْقَاطٌ فَإِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَقَالَ: إِذَا بِعْتَ عَبْدَكَ بِأَلْفٍ، فَأَنَا ضَامِنٌ لِلثَّمَنِ، فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ، قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِشَيْءٍ. وَفِي وَجْهٍ: يَصِيرُ ضَامِنًا لِأَلْفٍ. وَلَوْ بَاعَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَفِي كَوْنِهِ ضَامِنًا لَهَا، الْوَجْهَانِ. وَلَوْ قَالَ: إِذَا أَقْرَضْتُهُ عَشَرَةً، فَأَنَا ضَامِنٌ لَهَا، فَأَقْرَضَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْعَشَرَةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَقْرَضَ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَقَدْ أَقْرَضَ عَشَرَةً، وَالْبَيْعُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ لَيْسَ بَيْعًا بِعَشَرَةٍ. وَإِنْ أَقْرَضَهُ خَمْسَةً، فَعَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ: تَسْلِيمُ كَوْنِهِ ضَامِنًا لَهَا. قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ خِلَافُ قِيَاسِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَتَحَقَّقْ. وَلَوْ عَلَّقَ كَفَالَةَ الْبَدَنِ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ، فَإِنْ جَوَّزْنَا تَعْلِيقَ الْمَالِ، فَهِيَ أَوْلَى، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ، كَالْخِلَافِ فِي تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكَفَالَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَصْلَحَةِ وَالْحَاجَةِ. وَلَوْ عَلَّقَهَا بِحَصَادِ الزَّرْعِ، فَوَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ، وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ، لِانْضِمَامِ الْجَهَالَةِ. وَإِنْ عَلَّقَهَا بِقُدُومِ زَيْدٍ، فَأَوْلَى بِالْمَنْعِ، لِلْجَهْلِ بِأَصْلِ حُصُولِ الْقُدُومِ، فَإِنْ جَوَّزْنَا، فَوَجَدَ الشَّرْطَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ، صَارَ كَفِيلًا.
الرَّابِعَةُ: لَوْ وَقَّتَ كَفَالَةَ الْبَدَنِ فَقَالَ: أَنَا كَفِيلٌ بِهِ إِلَى شَهْرٍ، فَإِذَا مَضَى بَرِئْتُ، فَوَجْهَانِ، وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْبُطْلَانُ، كَضَمَانِ الْمَالِ. وَلَوْ نَجَّزَ الْكَفَالَةَ وَشَرَطَ التَّأْخِيرَ فِي الْإِحْضَارِ شَهْرًا، جَازَ لِلْحَاجَةِ كَمِثْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ، وَجَعَلَ الْغَزَّالِيُّ فِي «الْوَسِيطِ» هَذَا التَّوَقُّفَ وَجْهًا. فَإِذَا صَحَّحْنَا فَأَحْضَرَهُ قَبْلَ الْمُدَّةِ وَسَلَّمَهُ، وَامْتَنَعَ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ قَبُولِهِ، نُظِرَ، هَلْ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ بِأَنْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ غَائِبَةً أَوْ دَيْنُهُ مُؤَجَّلًا، أَمْ لَا؟ وَحُكْمُ الْقِسْمَيْنِ، عَلَى مَا سَبَقَ فِيمَنْ سَلَّمَهُ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ. وَلَوْ شَرَطَ لِإِحْضَارِهِ أَجَلًا مَجْهُولًا، كَالْحَصَادِ، فَفِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ.
الْخَامِسَةُ: لَوْ ضَمِنَ الدَّيْنَ الْحَالَّ حَالًّا، أَوْ أَطْلَقَ، لَزِمَهُ حَالًّا، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute