الثَّانِي عَلَيْهِ. وَإِنِ اقْتَضَاهُ، فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ عَنِ الْأَصِيلِ. وَلَوْ أَنَّ الثَّانِيَ ضَمِنَ عَنِ الْأَصِيلِ أَيْضًا، فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِ الضَّامِنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَإِنَّمَا الرُّجُوعُ لِلْمُؤَدِّي عَلَى الْأَصِيلِ. وَلَوْ ضَمِنَ عَنِ الْأَوَّلِ وَالْأَصِيلِ مَعًا، فَأَدَّى، فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، وَأَنْ يَرْجِعَ عَلَى هَذَا بِالْبَعْضِ، وَعَلَى ذَاكَ بِالْبَعْضِ، ثُمَّ لِلْأَوَّلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمَا غَرِمَ بِشَرْطِهِ.
الرَّابِعَةُ: عَلَى زَيْدٍ عَشَرَةً، ضَمِنَهَا اثْنَانِ، كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ، وَضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ عَنِ الْآخَرِ، فَلِرَبِّ الْمَالِ مُطَالَبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْعَشَرَةِ، نِصْفُهَا عَنِ الْأَصِيلِ، وَنِصْفُهَا عَنِ الْآخَرِ، فَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا الْعَشَرَةَ، رَجَعَ بِالنِّصْفِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَبِالنِّصْفِ عَلَى صَاحِبِهِ. وَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْجَمِيعِ عَلَى الْأَصِيلِ إِذَا كَانَ لِصَاحِبِهِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لَوْ غُرِّمَ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ إِلَّا خَمْسَةً، نُظِرَ، هَلْ أَدَّاهَا عَنِ الْأَصِيلِ، أَوْ عَنْ صَاحِبِهِ، أَوْ عَنْهُمَا؟ وَيَثْبُتُ الرُّجُوعُ بِحَسْبِهِ.
الْخَامِسَةُ: ضَمِنَ الثَّمَنَ، فَهَلَكَ الْمَبِيعُ لَهُ أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ، أَوْ ضَمِنَ الصَّدَاقَ، فَارْتَدَتِ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ فُسِخَتْ بِعَيْبٍ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الضَّامِنُ، بَرِئَ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَثْبُتُ الرُّجُوعُ، رَجَعَ بِالْمَغْرُومِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَضَمِنَ رَبُّ الدَّيْنِ لِلْأَصِيلِ مَا أَخَذَ إِنْ كَانَ هَالِكًا. وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا، رَدَّهُ بِعَيْنِهِ. وَهَلْ لَهُ إِمْسَاكُهُ وَرَدُّ بَدَلِهِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا إِذَا رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَعَيَّنَ دَرَاهِمَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ، فَأَرَادَ إِمْسَاكَهَا وَرَدَّ مِثْلِهَا، وَالْأَصَحُّ: الْمَنْعُ. وَإِنَّمَا يَغْرَمُ لِلْأَصِيلِ دُونَ الضَّامِنِ؛ لِأَنَّ فِي ضِمْنِ الْأَدَاءِ عَنْهُ إِقْرَاضُهُ وَتَمْلِيكُهُ إِيَّاهُ. وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَثْبُتُ لِلضَّامِنِ الرُّجُوعُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَيَلْزَمُ الْمَضْمُونَ لَهُ رَدُّ مَا أَخَذَ. وَعَلَى مَنْ يَرُدُّ؟ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ تَبَرَّعَ بِالصَّدَاقِ وَطَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
السَّادِسَةُ: أَدَّى الضَّامِنُ الدَّيْنَ، ثُمَّ وَهَبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ لَهُ، فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا لَوْ وَهَبَتِ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute