وَنِصْفُ الضَّمَانِ) ، فَيُطَالِبُهُ بِسَبْعَةٍ وَنِصْفٍ، وَيُطَالِبُ الْمُبَرَّأَ بِخَمْسَةٍ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ الْإِبْرَاءِ شَيْئًا، فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى النِّصْفِ، أَمْ يُخَيَّرُ لِيَصْرِفَ إِلَى مَا شَاءَ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُ عَنِ الضَّمَانِ، فَقَالَ الْمُبَرَّأُ: بَلْ عَنِ الْأَصْلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبَرِّئِ.
الثَّامِنَةُ: ادَّعَى أَنَّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ وَعَلَى غَائِبٍ أَلْفًا بَاعَهُمَا بِهِ عَبْدًا قَبَضَاهُ، أَوْ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَمِنَ مَا عَلَى الْآخَرِ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً، فَأَخَذَ الْأَلْفَ مِنْ زَيْدٍ، نَصَّ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَائِبِ بِنِصْفِ الْأَلْفِ. قَالَ الْجُمْهُورُ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ وُجِدَ مِنْ زَيْدٍ تَكْذِيبٌ لِلْبَيِّنَةِ. فَإِنْ كَانَ، لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ، فَلَا يُطَالِبُ غَيْرَ ظَالِمِهِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ. وَقَالَ ابْنُ خَيْرَانَ: يَرْجِعُ وَإِنْ صَرَّحَ بِالتَّكْذِيبِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَبْطَلَتْ حُكْمَ إِنْكَارِهِ.
فَرْعٌ
جَمِيعُ مَا سَبَقَ مِنْ رُجُوعِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْأَدَاءِ، وَالضَّامِنِ عَلَى الْأَصِيلِ، مَفْرُوضٌ فِيمَا إِذَا أَشْهَدَ عَلَى الْأَدَاءِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ. فَلَوْ أَشْهَدَ وَاحِدًا اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُ، أَوْ أَشْهَدَ مَسْتُورَيْنِ، فَبَانَا فَاسِقَيْنِ، كَفَى ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَا يَكْفِي إِشْهَادُ مَنْ يُعْلَمُ سَفَرُهُ عَنْ قُرْبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إِلَى الْمَقْصُودِ. أَمَّا إِذَا أَدَّى بِلَا إِشْهَادٍ، وَأَنْكَرَ رَبُّ الْمَالِ، فَإِنْ أَدَّى فِي غَيْبَةِ الْأَصِيلِ، فَمُقَصِّرٌ، فَلَا يَرْجِعُ إِنْ كَذَّبَهُ الْأَصِيلُ قَطْعًا، وَكَذَا إِنْ صَدَّقَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَهَلْ يَحْلِفُ الْأَصِيلُ إِذَا كَذَّبَهُ؟ قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : يُبْنَى عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ، هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، حَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْأَدَاءِ، وَإِلَّا بُنِيَ عَلَى أَنَّ النُّكُولَ وَرَدَّ الْيَمِينِ، كَالْإِقْرَارِ، أَمْ كَالْبَيِّنَةِ؟ إِنْ قُلْنَا: كَالْإِقْرَارِ، لَمْ يُحَلِّفْهُ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يُنَكَّلَ فَيَحْلِفُ الضَّامِنُ، فَيَكُونُ كَتَصْدِيقِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute