الْجُمْهُورِ، ثُبُوتُ الشَّرِكَةِ وَأَحْكَامِهَا مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَلَوْ لَمْ يَتَبَايَعَا الْعَرْضَيْنِ، لَكِنْ بَاعَاهُمَا بِعَرْضٍ أَوْ نَقْدٍ، فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ، قَوْلَانِ سَبَقَا. فَإِنْ صَحَّحْنَاهَا، كَانَ الثَّمَنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى التَّسَاوِي أَوِ التَّفَاضُلِ بِحَسَبِ قِيمَةِ الْعَرْضَيْنِ، فَيَأْذَنُ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ.
قُلْتُ: وَإِذَا بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ بَعْضَ عَرْضِهِ بِبَعْضِ عَرْضِ صَاحِبِهِ، فَهَلْ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا بِقِيمَةِ الْعَرْضَيْنِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي «الْحَاوِي» . وَالصَّحِيحُ: لَا يُشْتَرَطُ. وَمِنَ الْحِيَلِ فِي هَذَا أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ بَعْضَ عَرْضِهِ لِصَاحِبِهِ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ يَتَقَاصَّا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الثَّالِثَةُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمَالَيْنِ فِي الْقَدْرِ، بَلْ تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ مَعَ التَّفَاوُتِ عَلَى نِسْبَةِ الْمَالَيْنِ، وَقَالَ الْأَنْمَاطِيُّ: يُشْتَرَطُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ حَالَةَ الْعَقْدِ بِقَدْرِ النَّصِيبَيْنِ بِأَنْ يَعْرِفَا أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، أَوْ عَلَى نِسْبَةٍ أُخْرَى؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ إِذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهُ مِنْ بُعْدٍ. وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَجْهَلُ حِصَّتَهُ، فَأَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ فِي كُلِّ الْمَالِ أَوْ فِي نَصِيبِهِ، هَلْ يَصِحُّ الْإِذْنُ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، لِجَهْلِهِمَا. وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا. وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْأَثْمَانُ بَيْنَهُمَا مُبْهَمَةً كَالْمُثَمَّنَاتِ.
فَرْعٌ
لَوْ كَانَ لَهُمَا ثَوْبَانِ اشْتَبَهَا، لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ لَعَقْدِ الشَّرِكَةِ، فَإِنَّ الْمَالَيْنِ مُتَمَيِّزَانِ، لَكِنِ اشْتَبَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute