الْمَاءَ، وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمْ، فَهُوَ بَاطِلٌ. فَلَوِ اسْتَقَى، فَلِمَنْ يَكُونُ الْمَاءُ؟ نَقَلَ صَاحِبُ «التَّلْخِيصِ» وَآخَرُونَ فِيهِ اخْتِلَافُ قَوْلٍ، وَضَعَّفَ الْجُمْهُورُ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ، وَصَوَّبُوا تَفْصِيلًا ذَكَرَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَاءُ مَمْلُوكًا لِلْمُسْتَقِي، أَوْ مُبَاحًا، لَكِنْ قَصَدَ بِهِ نَفْسَهُ، فَهُوَ لَهُ، وَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. وَإِنْ قَصَدَ الشَّرِكَةَ، فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ النِّيَابَةِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ. فَإِنْ مَنَعْنَاهَا، فَهُوَ لِلْمُسْتَقِي، وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لَهُمَا. وَإِنْ جَوَّزْنَاهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَالْمَاءُ بَيْنَهُمْ. وَفِي كَيْفِيَّةِ الشَّرِكَةِ، وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى نِسْبَةِ أُجُورِ أَمْثَالِهِمْ، وَبِهَذَا قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَحَكَى عَنْ نَصِّهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ. وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَبِهِ قَطَعَ الْقَفَّالُ: أَنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إِتْبَاعًا لِقَصْدِهِ، فَعَلَى هَذَا، يَرْجِعُ الْمُسْتَقِي عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ بِثُلُثِ أُجْرَةِ مَنْفَعَتِهِ، إِذْ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ مِنْهَا إِلَّا الثُّلُثَ، وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ بِثُلُثَيْ أُجْرَةِ مَالِهِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَعَلَى الْمُسْتَقِي. وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: لَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمْ أَصْلًا.
الثَّانِيَةُ: اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ الرَّاوِيَةَ مِنْ صَاحِبِهَا، وَالْجَمَلَ مِنْ صَاحِبِهِ، وَاسْتَأْجَرَ أَيْضًا الْمُسْتَقِي لِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ وَهُوَ مُبَاحٌ، نُظِرَ، إِنْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ بِعَقْدٍ، صَحَّ وَالْمَاءُ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ جَمَعَ الْجَمِيعَ فِي عَقْدٍ، فَفِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ، قَوْلَانِ. كَمَنِ اشْتَرَى عَيْنَيْنِ لِرَجُلَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ صَحَّحْنَا، وُزِّعَتِ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ عَلَى أُجُورِ الْأَمْثَالِ، وَإِلَّا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَيَكُونُ الْمَاءُ لِلْمُسْتَأْجِرِ صَحَّحْنَا الْإِجَارَةَ أَمْ أَفْسَدْنَاهَا، لِأَنَّا وَإِنْ أَفْسَدْنَاهَا، فَمَنَافِعُهُمْ مَضْمُونَةٌ بِالْأُجْرَةِ، قَالَهُ الْإِمَامُ. وَإِنْ نَوَى الْمُسْتَقِي نَفْسَهُ، وَفَرَّعْنَا عَلَى فَسَادِ الْإِجَارَةِ، فَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ: أَنَّهُ أَيْضًا لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَقَدْ قَصَدَ نَفْسَهُ، فَلْيَكُنِ الْحَاصِلُ لَهُ. وَمَوْضِعُ الْقَوْلَيْنِ، إِذَا وَرَدَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِ الْمُسْتَقِي وَالْجَمَلِ وَالرَّاوِيَةِ، فَأَمَّا إِذَا أَلْزَمَ ذِمَمَهُمْ، فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ قَطْعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute