إِنْ كَانَ رَشِيدًا، فَإِنْ كَانَ مُوَلَّيًا عَلَيْهِ لِصِغَرِهِ أَوْ جُنُونِهِ، فَعَلَ وَلِيُّهُ مَا فِيهِ حَظُّهُ مِنَ الْأَمْرَيْنِ. وَإِنَّمَا تَتَقَرَّرُ الشَّرِكَةُ بِعَقْدٍ مُسْتَأْنَفٍ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ تَقْرِيرُ الشَّرِكَةِ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ. وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ لِمُعَيَّنٍ فَهُوَ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ. فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، كَالْفُقَرَاءِ، لَمْ يَصِحَّ تَقْرِيرُ الشَّرِكَةِ حَتَّى تَخْرُجَ الْوَصِيَّةُ. ثُمَّ هُوَ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةٌ.
الْحُكْمُ الثَّالِثُ: أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ، شَرْطُ ذَلِكَ أَمْ لَا، تَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ أَمْ تَفَاوَتَا. فَإِنْ شَرَطَا التَّسَاوِيَ فِي الرِّبْحِ مَعَ التَّفَاوُتِ فِي الْمَالِ، أَوِ التَّفَاوُتِ فِي الرِّبْحِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ، فَسَدَتِ الشَّرِكَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ. وَحَكَى الْإِمَامُ وَجْهًا آخَرَ: أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ، وَيُوَزَّعُ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ. وَلَعَلَّ الْخِلَافَ رَاجِعٌ إِلَى الِاصْطِلَاحِ، فَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ لَفْظَ الْفَسَادِ، وَامْتَنَعَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ لِبَقَاءِ أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ. فَلَوِ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِزِيَادَةِ عَمَلٍ، وَشَرَطَ لَهُ زِيَادَةَ رِبْحٍ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: صِحَّةُ الشَّرْطِ، وَيَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى حِصَّةِ مِلْكِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ، وَيَتَرَكَّبُ الْعَقْدُ مِنْ شَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ. وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ التَّفَاوُتَ فِي الْخُسْرَانِ، فَإِنَّهُ يَلْغُو وَيُوَزَّعُ الْخُسْرَانُ عَلَى الْمَالِ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ قِرَاضًا، فَإِنَّ هُنَاكَ يَقَعُ الْعَمَلُ مُخْتَصًّا بِمَالِ الْمَالِكِ، وَهُنَا بِمِلْكَيْهِمَا. وَمَتَى فَسَدَ الشَّرْطُ، لَمْ يُؤَثِّرْ فِي فَسَادِ التَّصَرُّفِ، لِوُجُودِ الْإِذْنِ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ عَلَى نِسْبَةِ الْمَالَيْنِ، وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَالِهِ. فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَالِ وَالْعَمَلِ، فَنِصْفُ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ يَقَعُ فِي مُقَابَلَةِ مَالِهِ، فَلَا أُجْرَةَ فِيهِ، وَنِصْفُهُ فِي مَالِ صَاحِبِهِ، وَيَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ مِثْلَ بَدَلِهِ عَلَيْهِ، فَيَقَعُ فِي التَّقَاصِّ. وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْعَمَلِ مَعَ اسْتِوَاءِ الْمَالِ، فَسَاوَى عَمَلُ أَحَدِهِمَا مِائَتَيْنِ، وَالْآخَرُ مِائَةً. فَإِنْ كَانَ عَمَلُ مَنْ شُرِطَ لَهُ الزِّيَادَةُ أَكْثَرَ، فَنِصْفُ عَمَلِهِ مِائَةٌ، وَنِصْفُ عَمَلِ صَاحِبِهِ خَمْسُونَ، فَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ التَّقَاصِّ خَمْسُونَ. وَإِنْ كَانَ عَمَلُ صَاحِبِهِ أَكْثَرَ، فَفِي رُجُوعِهِ بِخَمْسِينَ عَلَى مَنْ شُرِطَ لَهُ الزِّيَادَةُ وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute