فَعَلَى قِيَاسِ أَبِي إِسْحَاقَ مَا قَبْلَ الدَّوْرِ اسْتِحَاضَةٌ، وَحَيْضُهَا الْيَوْمُ الْأَوَّلُ فَقَطْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ، لَا يَخْفَى. وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا سِتَّةً مِنْ ثَلَاثِينَ، وَيُقَطَّعُ الدَّمُ فِي بَعْضِ الْأَدْوَارِ، سِتَّةً سِتَّةً، وَجَاوَزَ، فَفِي الدَّوْرِ الْأَوَّلِ حَيْضُهَا السِّتَّةُ الْأُولَى بِلَا خِلَافٍ.
وَأَمَّا الدَّوْرُ الثَّانِي، فَإِنَّهَا تَرَى سِتَّةً مِنْ أَوَّلِهِ نَقَاءٌ، وَهِيَ أَيَّامُ الْعَادَةِ. فَعِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ: لَا حَيْضَ لَهَا فِي هَذَا الدَّوْرِ أَصْلًا، وَعَلَى الْمَذْهَبِ، وَجْهَانِ:
أَصَحُّهُمَا: تَحِيضُهَا السِّتَّةَ الثَّانِيَةَ، عَلَى قَوْلَيِ السَّحْبِ وَالتَّلْفِيقِ جَمِيعًا. وَالثَّانِي: حَيْضُهَا السِّتَّةُ الْأَخِيرَةُ مِنَ الدَّوْرِ الْأَوَّلِ. وَيَجِيءُ هَذَا الْوَجْهُ، حَيْثُ خَلَا جَمِيعَ أَيَّامِ الْعَادَةِ عَنِ الْحَيْضِ.
هَذَا كُلُّهُ، إِذَا لَمْ يَنْقُصِ الدَّمُ الْمَوْجُودُ فِي زَمَنِ الْعَادَةِ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ. فَإِنْ نَقَصَ، بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً، فَرَأَتْ فِي بَعْضِ الْأَدْوَارِ يَوْمًا دَمًا، وَلَيْلَةً نَقَاءً. وَاسْتُحِيضَتْ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ عَلَى قَوْلِ السَّحْبِ، الْأَصَحُّ لَا حَيْضَ لَهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. وَالثَّانِي، تَعُودُ إِلَى قَوْلِ التَّلْفِيقِ. وَالثَّالِثُ: حَيْضُهَا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَاللَّيْلَةُ بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ التَّلْفِيقِ، فَلَا حَيْضَ لَهَا إِنْ لَفَّقْنَا عَلَى الْعَادَةِ. فَإِنْ لَفَّقْنَا مِنَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ؛ حَيْضُهَا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَجَعَلْنَا اللَّيْلَةَ بَيْنَهُمَا طُهْرًا.
قُلْتُ: قَوْلُهُ: لَا حَيْضَ لَهَا إِنْ لَفَّقْنَا مِنَ الْعَادَةِ هُوَ الْأَصَحُّ.
وَذَكَرَ الْإِمَامُ وَجْهًا آخَرَ عَنِ الْمَحْمُودِيِّ: أَنَّهُ تَلَفُّقٌ مِنَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ. وَادَّعَى فِي (الْوَسِيطِ) أَنَّهُ لَا طَرِيقَ غَيْرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: الْعَادَةُ الْمُتَقَطِّعَةُ. فَإِذَا اسْتَمَرَّتْ لَهَا عَادَةٌ مُتَقَطِّعَةٌ قَبْلَ الِاسْتِحَاضَةِ، ثُمَّ اسْتُحِيضَتْ مَعَ التَّقَطُّعِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ التَّقَطُّعُ بَعْدَ الِاسْتِحَاضَةِ كَالتَّقَطُّعِ قَبْلَهَا، فَمَرَدُّهَا قَدْرُ حَيْضِهَا عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ.
مِثَالُهُ: كَانَتْ تَرَى ثَلَاثَةً دَمًا، وَأَرْبَعَةً نَقَاءً، وَثَلَاثَةً دَمًا، وَتَطْهُرُ عِشْرِينَ، ثُمَّ اسْتُحِيضَتْ، وَالتَّقَطُّعُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، فَإِنْ سَحْبَنَا كَانَ حَيْضِهَا قَبْلَ الِاسْتِحَاضَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute