لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ قَبْضُ الثَّمَنِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الشَّرِيكَانِ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ، فَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ عَلَى وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقُولَ الشَّرِيكُ لِلْبَائِعِ: قَبَضْتَ كُلَّ الثَّمَنِ، فَسَلِّمْ إِلَيَّ نَصِيبِي، وَيُوَافِقُهُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ قَبَضَ، وَيُنْكِرُ الْبَائِعُ، فَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي عَنْ نَصِيبِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ، لِاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَتِهِ. ثُمَّ هُنَا خُصُومَةٌ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَخُصُومَةٌ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ، وَرُبَّمَا تَقَدَّمَتِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ، وَرُبَّمَا تَأَخَّرَتْ. فَإِنْ تَقَدَّمَتْ، نُظِرَ، إِنْ قَامَتْ لِلْمُشْتَرِي بَيِّنَةٌ عَلَى الْأَدَاءِ، انْدَفَعَتْ عَنْهُ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ. فَإِنْ شَهِدَ لَهُ الشَّرِيكُ، لَمْ يُقْبَلْ فِي نَصِيبِهِ. وَفِي نَصِيبِ الْبَائِعِ الْقَوْلَانِ فِي تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ. وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ. فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ نَصِيبَهُ مِنَ الْمُشْتَرِي، وَلَا يُشَارِكُهُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْآنَ ظُلْمٌ. وَإِنْ نَكَلَ، وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي، انْقَطَعَتْ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ. وَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا، فَوَجْهَانِ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا يَلْزَمُهُ نَصِيبُ الْبَائِعِ، لِأَنَّا لَا نَقْضِي بِالنُّكُولِ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَضَاءً بِالنُّكُولِ، بَلْ مُؤَاخَذَةً بِاعْتِرَافِهِ بِلُزُومِ الْمَالِ بِالشِّرَاءِ. فَإِذَا انْقَضَتْ خُصُومَةُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، فَطَلَبَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنَ الْبَائِعِ لِزَعْمِهِ أَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ إِلَّا نَصِيبَهُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ. فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ، حَلَفَ الشَّرِيكُ وَأَخَذَ مِنْهُ نَصِيبَهُ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ شَرِيكَهُ ظَلَمَهُ، وَلَا يَمْنَعُ الْبَائِعَ مِنَ الْحَلِفِ نُكُولُهُ عَلَى الْيَمِينِ فِي الْخُصُومَةِ مَعَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا خُصُومَةٌ أُخْرَى مَعَ آخَرَ. أَمَّا إِذَا تَقَدَّمَتْ خُصُومَةُ الشَّرِيكَيْنِ، فَادَّعَى الَّذِي لَمْ يَبِعْ عَلَى الْبَائِعِ قَبْضَ الثَّمَنِ، وَطَلَبَ حَقَّهُ، فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُشْتَرِي لَهُ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، حَلَفَ الْبَائِعُ، فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ نَصِيبَهُ مِنَ الْبَائِعِ. فَإِذَا انْقَضَتْ خُصُومَةُ الشَّرِيكَيْنِ، فَطَالَبَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي بِحَقِّهِ أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ. فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَبَرِئَ. وَلَا يَمْنَعُ الْبَائِعَ مِنَ الْحَلِفِ وَطَلَبِ حَقِّهِ مِنَ الْمُشْتَرِي نُكُولُهُ فِي الْخُصُومَةِ الْأُولَى مَعَ شَرِيكِهِ. وَفِي وَجْهٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute