للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السَّادِسَةُ: ادَّعَى عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ وَكِيلُ زَيْدٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِالْخُصُومَةِ حَاضِرًا، وَصَدَّقَهُ، ثَبَتَتِ الْوَكَالَةُ، وَلَهُ مُخَاصَمَتُهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ، أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ تَقَدُّمُ دَعْوَى حَقِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْخَصْمِ. وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، وَأَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً بِالْوَكَالَةِ، سَمِعَهَا الْقَاضِي وَأَثْبَتَهَا. وَلَا يَعْتَبِرُ حُضُورَ الْخَصْمِ فِي إِثْبَاتِ الْوَكَالَةِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ: لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ إِلَّا فِي وَجْهِ الْخَصْمِ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى مَذْهَبِهِ، فِي امْتِنَاعِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. ثُمَّ حَكَى الْإِمَامُ عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: أَنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يُنَصِّبَ الْقَاضِي مُسَخَّرًا يَنُوبُ عَنِ الْغَائِبِ، لِيُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فِي وَجْهِهِ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا بَعِيدٌ لَا أَعْرِفُ لَهُ أَصْلًا، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَصْحَابِ. وَحَكَى عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْقُضَاةَ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنَّ مَنْ وَكَّلَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ، اخْتَصَّ التَّوْكِيلُ بِالْمُخَاصَمَةِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَالَّذِي نَعْرِفُهُ لِلْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُخَاصِمُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ، وَلَا نَعْرِفُ لِلْقُضَاةِ الْعُرْفَ الَّذِي ادَّعَاهُ.

السَّابِعَةُ: وَكَّلَ رَجُلًا عِنْدَ الْقَاضِي بِالْخُصُومَةِ عَنْهُ، وَطَلَبَ حُقُوقَهُ، فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْهُ مَا دَامَ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ، اعْتِمَادًا عَلَى الْعِيَانِ. فَإِنْ غَابَ وَأَرَادَ الْوَكِيلُ الْخُصُومَةَ عَنْهُ اعْتِمَادًا عَلَى اسْمٍ وَنَسَبٍ يَذْكُرُهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَكَّلَهُ، أَوْ عَلَى أَنَّ الَّذِي وَكَّلَهُ هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ، وَالشَّيْخُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ. وَعِبَارَةُ الْعَبَّادِيِّ: إِنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَعْرِفَ الْمُوَكِّلَ شَاهِدَانِ يَعْرِفُهُمَا الْقَاضِي وَيَثِقُ بِهِمَا. ثُمَّ إِنَّ الْإِمَامَ حَكَى عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - أَنَّ عَادَةَ الْحُكَّامِ التَّسَاهُلُ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ، وَالِاكْتِفَاءُ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ تَرْكُ الْبَحْثِ وَالِاسْتِزْكَاءِ تَسْهِيلًا عَلَى الْغُرَبَاءِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي يُوسُفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>