للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُخَاطَبَةِ بَيْنَهُمَا، وَالنِّكَاحُ سِفَارَةٌ مَحْضَةٌ. ثُمَّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ تَفْرِيعٌ عَلَى الْجَدِيدِ، وَهُوَ مَنْعُ وَقْفِ الْعُقُودِ، وَإِلْغَاءُ تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ. وَأَمَّا عَلَى الْقَدِيمِ، فَالْوَكِيلُ كَأَجْنَبِيٍّ، فَيَقِفُ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ عَلَى إِجَازَتِهِ. فَإِنْ أَجَازَ، وَقَعَ عَنْهُ، وَإِلَّا فَعَنِ الْوَكِيلِ، وَكَذَا الشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِهِ، وَبَيْعُ الْعَبْدِ الْآخَرِ، يَنْعَقِدَانِ مَوْقُوفَيْنِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِهِ.

فَرْعٌ

وَكِيلُ الْمُتَّهِبِ فِي الْقَبُولِ، يَجِبُ أَنْ يُسَمِّيَ مُوَكِّلَهُ، وَإِلَّا فَيَقَعُ عَنْهُ، لِجَرَيَانِ الْخِطَابِ مَعَهُ، وَلَا يَنْصَرِفُ بِالنِّيَّةِ إِلَى الْمُوَكَّلِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ يَقْصِدُ بِتَبَرُّعِهِ الْمُخَاطَبَ، وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَسْمَحُ بِالتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ حُصُولُ الْعِوَضِ.

قُلْتُ: قَالَ فِي «الْبَيَانِ» : لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ زَيْدًا، فَزَوَّجَهَا وَكِيلُ زَيْدٍ لِزَيْدٍ، صَحَّ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ لِزَيْدٍ، فَبَاعَهُ لِوَكِيلِ زَيْدٍ، لَمْ يَصِحَّ. وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقْبَلُ نَقْلَ الْمِلْكِ، وَالْبَيْعُ يَقْبَلُهُ. وَلِهَذَا يَقُولُ وَكِيلُ النِّكَاحِ: زَوِّجْ مُوَكِّلِي، وَلَا يَقُولُ: زَوِّجْنِي لِمُوَكِّلِي. وَفِي الْبَيْعِ يَقُولُ: بِعْنِي لِمُوَكِّلِي وَلَا يَقُولُ: بِعْ مُوَكِّلِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحُكْمُ الثَّانِي: لِلْوَكَالَةِ حُكْمُ الْأَمَانَةِ. فَيَدُ الْوَكِيلِ يَدُ أَمَانَةٍ، فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ، سَوَاءٌ كَانَ بِجَعْلٍ، أَوْ مُتَبَرِّعًا، فَإِنْ تَعَدَّى، بِأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ، أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ، ضَمِنَ قَطْعًا، وَلَا يَنْعَزِلُ عَنِ الْمَذْهَبِ، بَلْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>