شَيْءٍ يَرْجِعُ؟ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، اتَّجَهَ أَنْ يَكُونَ تَسْلِيمُ الدَّرَاهِمِ دَفْعًا لِمُؤْنَةِ التَّرَاجُعِ، لَا إِقْرَاضًا.
الرَّابِعَةُ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إِذَا قَبَضَ الثَّمَنَ، إِمَّا بِإِذْنٍ صَرِيحٍ، وَإِمَّا بِمُقْتَضَى الْبَيْعِ. إِذَا قُلْنَا بِهِ، فَتَلِفَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ، ثُمَّ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، وَالْمُشْتَرِي مُعْتَرِفٌ بِالْوَكَالَةِ، فَهَلْ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ لِحُصُولِ التَّلَفِ عِنْدَهُ؟ أَمْ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ سَفِيرُهُ وَيَدُهُ يَدُهُ؟ أَمْ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؟ فِيهِ الْأَوْجُهُ السَّابِقَةُ. فَإِنْ قُلْنَا: عَلَى الْمُوَكِّلِ أَوِ الْوَكِيلِ، فَغَرِمَ، لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: يَغْرَمُ أَيُّهُمَا شَاءَ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا وَأَشْهَرُهَا: أَنَّهُ إِنْ غَرِمَ الْمُوَكِّلُ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ غَرِمَ الْوَكِيلُ، رَجَعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَالثَّانِي: يَرْجِعُ الْمُوَكِّلُ دُونَ الْوَكِيلِ، لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ. وَالثَّالِثُ: لَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَالَّذِي يُفْتَى بِهِ مِنْ هَذِهِ الِاخْتِلَافَاتِ: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُغَرِّمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَلِذَلِكَ اقْتَصَرْنَا عَلَى هَذَا الْجَوَابِ فِي بَدَلِ الرَّهْنِ وَإِنْ كَانَ يُطْرَدُ فِيهِ الْخِلَافُ.
الْخَامِسَةُ: الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إِذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ بَانَ مُسْتَحِقًّا، فَلِلْمُسْتَحِقِّ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ أَوْ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ. وَفِي مُطَالَبَتِهِ الْوَكِيلَ أَوِ الْمُوَكِّلَ، الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَالْأَقْيَسُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: أَنَّهُ لَا رُجُوعَ إِلَّا عَلَى الْوَكِيلِ، لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ، وَبِظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ بَانَ أَنْ لَا عَقْدَ، وَصَارَ الْوَكِيلُ قَابِضًا مِلْكَ غَيْرِهِ بِلَا حَقٍّ. وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْقَرَارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.
السَّادِسَةُ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ، إِذَا بَاعَ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ، وَاسْتَوْفَاهُ وَدَفَعَهُ إِلَى الْمُوَكِّلِ، وَخَرَجَ مُسْتَحِقًّا أَوْ مَعِيبًا، فَرَدَّهُ، فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَلَهُ أَنْ يُغَرِّمَ الْوَكِيلَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسَلِّمًا لِلْمَبِيعِ قَبْلَ أَخْذِ عِوَضِهِ. وَفِيمَا يَغْرَمُهُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute